صَرْفَ الْمَالِ إلَى الْفَقِيرِ لَهُ جِهَاتٌ، فَلَا تَتَعَيَّنُ الزَّكَاةُ إلَّا بِالتَّعْيِينِ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ: إنْ تَصَدَّقَ بِمَالِهِ الْمُعَيَّنِ أَجْزَأَهُ، وَلَوْ نَوَى صَدَقَةَ الْمَالِ، أَوْ الصَّدَقَةَ الْوَاجِبَةَ أَجْزَأَهُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: كَفَى فِي الْأَصَحِّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقَالَ: جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَقَالَ: وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ الْمُتَقَدِّمِ: لَا يَكْفِي نِيَّةُ الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ أَوْ صَدَقَةِ الْمَالِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ جَمَاعَةٌ، مِنْ أَنَّهُ يَنْوِي الزَّكَاةَ. قَالَ: وَهَذَا مُتَّجَهٌ.
فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: لَا تُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْفَرْضِ، وَلَا تَعْيِينُ الْمَالِ الْمُزَكَّى. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَفِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ: وَجْهٌ تُعْتَبَرُ نِيَّةُ التَّعْلِيقِ إذَا اخْتَلَفَ الْمَالُ. مِثْلُ شَاةٍ عَنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ، وَشَاةٍ أُخْرَى عَنْ أَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ، وَدِينَارٍ عَنْ نِصَابٍ تَالِفٍ، وَدِينَارٍ آخَرَ عَنْ نِصَابٍ قَائِمٍ، وَصَاعٍ عَنْ فِطْرَةٍ، وَصَاعٍ آخَرَ عَنْ عُشْرٍ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ نَوَى زَكَاةً عَنْ مَالِهِ الْغَائِبِ، فَإِنْ كَانَ تَالِفًا فَعَنْ الْحَاضِرِ: أَجْزَأَ عَنْهُ إنْ كَانَ الْغَائِبُ تَالِفًا، وَإِنْ كَانَا سَالِمَيْنِ أَجْزَأَ عَنْ أَحَدِهِمَا.
وَلَوْ كَانَ لَهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَأَرْبَعُونَ مِنْ الْغَنَمِ، فَقَالَ: هَذِهِ الشَّاةُ عَنْ الْإِبِلِ أَوْ الْغَنَمِ: أَجْزَأَتْهُ عَنْ إحْدَاهُمَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ وَغَائِبٌ، وَأَخْرَجَ، وَقَالَ: هَذَا زَكَاةُ مَالِي الْحَاضِرِ أَوْ الْغَائِبِ، وَإِنْ قَالَ: هَذَا عَنْ مَالِي الْغَائِبِ إنْ كَانَ سَالِمًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَالِمًا فَتَطَوَّعَ، فَبَانَ سَالِمًا: أَجْزَأَهُ عَنْهُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْلِصْ النِّيَّةَ لِلْفَرْضِ كَمَنْ قَالَ: هَذِهِ زَكَاةُ مَالِي، أَوْ نَفْلٌ، أَوْ هَذِهِ زَكَاةُ إرْثِي مِنْ مُوَرِّثِي إنْ كَانَ مَاتَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْنِ عَلَى أَصْلٍ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قَالَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ، كَقَوْلِهِ لَيْلَةَ الشَّكِّ: إنْ كَانَ غَدًا مِنْ رَمَضَانَ فَفَرْضِيٌّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute