عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا غَصْبًا. قَالَ: وَلَنَا رِوَايَةٌ: أَنَّ مَنْ ظُلِمَ فِي خَرَاجِهِ يَحْتَسِبُهُ مِنْ الْعُشْرِ، أَوْ مِنْ خَرَاجٍ آخَرَ، فَهَذَا أَوْلَى، وَنَقَلَ عَنْهُ حَرْبٌ فِي أَرْضِ صُلْحٍ يَأْخُذُ السُّلْطَانُ مِنْهَا نِصْفَ الْغَلَّةِ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. قِيلَ لَهُ: فَيُزَكِّي الْمَالِكُ عَمَّا بَقِيَ فِي يَدِهِ؟ قَالَ: يُجْزِئُ مَا أَخَذَهُ السُّلْطَانُ مِنْ الزَّكَاةِ. يَعْنِي إذَا نَوَى بِهِ الْمَالِكُ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: إنْ زَادَ فِي الْخِرْصِ، هَلْ يُحْتَسَبُ بِالزِّيَادَةِ مِنْ الزَّكَاةِ؟ فِيهِ رِوَايَتَانِ. قَالَ: وَحَمَلَ الْقَاضِي الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَنَّهُ يُحْتَسَبُ بِنِيَّةِ الْمَالِكِ وَقْتَ الْأَخْذِ، وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مَا أَخَذَهُ بِاسْمِ الزَّكَاةِ وَلَوْ فَوْقَ الْوَاجِبِ بِلَا تَأْوِيلٍ، اُعْتُدَّ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: يُعْتَدُّ بِمَا أَخَذَهُ، وَعَنْهُ بِوَجْهٍ سَائِغٍ، وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ فِي آخِرِ فَصْلِ شِرَاءِ الذِّمِّيِّ لِأَرْضٍ عُشْرِيَّةٍ، وَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ عَجَّلَهَا فَدَفَعَهَا إلَى مُسْتَحِقِّهَا، فَمَاتَ، أَوْ ارْتَدَّ، أَوْ اسْتَغْنَى) يَعْنِي مَنْ دُفِعَتْ إلَيْهِ مِنْ هَؤُلَاءِ (أَجْزَأَتْ عَنْهُ) وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: لَا يُجْزِئُهُ وَهُوَ وَجْهٌ. ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ.
تَنْبِيهٌ: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى غَنِيٍّ فَافْتَقَرَ عِنْدَ الْوُجُوبِ لَمْ تُجْزِهِ) إذَا عَلِمَ أَنَّهُ غَنِيٌّ جَازَ الدَّفْعُ إلَيْهِ بِلَا نِزَاعٍ، وَإِمَّا إذَا دَفَعَهَا إلَيْهِ ظَانًّا أَنَّهُ فَقِيرٌ وَهُوَ فِي الْبَاطِنِ غَنِيٌّ فَيَأْتِي كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي آخِرِ الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ. ثُمَّ عَلِمَ ".
فَائِدَةٌ: أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِقَوْلِهِ (وَإِنْ عَجَّلَهَا ثُمَّ هَلَكَ الْمَالُ قَبْلَ الْحَوْلِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمَسَاكِينِ) أَنَّ الزَّكَاةَ إذَا عَجَّلَهَا ثُمَّ هَلَكَ الْمَالُ قَبْلَ الْحَوْلِ: أَنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّ الْمُخْرَجَ غَيْرُ زَكَاةٍ، وَكَذَا الْحُكْمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute