وَقِيلَ: لَا يَرْجِعُ فِيمَا إذَا أُتْلِفَتْ دُونَ الزَّكَاةِ لِلتُّهْمَةِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَهَلْ إتْلَافُهُ مَالَهُ عَمْدًا بَعْدَ التَّعْجِيلِ كَتَلَفِهِ لِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، أَوْ كَإِتْلَافِ أَجْنَبِيٍّ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. انْتَهَى.
وَمِنْهَا: لَوْ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ فَتَلِفَتْ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْفَقِيرُ لَزِمَهُ بَدَلُهَا وَمِنْهَا: يُشْتَرَطُ لِمِلْكِ الْفَقِيرِ لَهَا وَإِجْزَائِهَا عَنْ رَبِّهَا: قَبْضُهُ، فَلَا يُجْزِئُ غَدَاءُ الْفُقَرَاءِ وَلَا عَشَاؤُهُمْ. جَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ، وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْفَقِيرِ فِيهَا قَبْلَ قَبْضِهَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَخَرَّجَ الْمَجْدُ فِي الْمُعَيَّنَةِ الْمَقْبُولَةِ كَالْمَقْبُوضَةِ، كَالْهِبَةِ وَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَالرَّهْنِ. قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ: وَإِنْ عَيَّنَ زَكَاتَهُ فَقَبِلَهَا الْفَقِيرُ فَتَلِفَتْ قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يُجْزِهِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ: فِي الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْفَرْضِ وَغَيْرِهَا طَرِيقَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالْقَبْضِ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَالشِّيرَازِيِّ فِي الْمُبْهِجِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي مَوَاضِعَ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: لَا يَمْلِكُ فِي الْمُبْهَمِ بِدُونِ الْقَبْضِ. وَفِي الْمُعَيَّنِ يَمْلِكُ بِالْعَقْدِ، وَهِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ وَابْنِ عَقِيلٍ فِي مُفْرَدَاتِهِ، وَالْحَلْوَانِيِّ وَابْنِهِ، إلَّا أَنَّهُمَا حَكَيَا فِي الْمُعَيَّنِ رِوَايَتَيْنِ كَالْهِبَةِ. انْتَهَى، فَإِذَا قُلْنَا: تُمْلَكُ بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ، فَهَلْ يَجُوزُ بَيْعُهَا؟ قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْخَمْسِينَ: نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ. قَالَ: وَهُوَ نَوْعُ تَصَرُّفٍ. فَقِيَاسُهُ سَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ، وَتَكُونُ حِينَئِذٍ كَالْهِبَةِ الْمَمْلُوكَةِ بِالْعَقْدِ، وَلَوْ قَالَ الْفَقِيرُ لِرَبِّ الْمَالِ: اشْتَرِ لِي بِهَا ثَوْبًا، وَلَمْ يَقْبِضْهَا مِنْهُ: لَمْ يُجْزِهِ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ كَانَ لِلْمَالِكِ وَلَوْ تَلِفَ كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ. هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ تَخْرِيجٌ. مِنْ إذْنِهِ لِغَرِيمِهِ فِي الصَّدَقَةِ بِدَيْنِهِ عَنْهُ أَوْ صَرْفِهِ، أَوْ الْمُضَارَبَةِ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute