رَفْعَ الْحَدَثِ، فَمَرَّتْ عَلَيْهِ أَرْبَعُ جَرَيَاتٍ أَجْزَأَهُ، إنْ مَسَحَ رَأْسَهُ. أَوْ قِيلَ بِإِجْزَاءِ الْغَسْلِ عَنْ الْمَسْحِ عَلَى مَا يَأْتِي. وَلَوْ لَمْ يُمِرَّ عَلَيْهِ إلَّا جَرْيَةً وَاحِدَةً لَمْ يُجْزِهِ. وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَمَنْ تَبِعَهُ: وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي رَجُلٍ أَرَادَ الْوُضُوءَ فَانْغَمَسَ فِي الْمَاءِ. ثُمَّ خَرَجَ. فَعَلَيْهِ مَسْحُ رَأْسِهِ وَغَسْلُ قَدَمَيْهِ. قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ إذَا كَانَ جَارِيًا، فَمَرَّتْ عَلَيْهِ جَرْيَةٌ وَاحِدَةٌ: أَنَّهُ يُجْزِيهِ مَسْحُ رَأْسِهِ وَغَسْلُ رِجْلَيْهِ. انْتَهَى.
وَإِنْ كَانَ انْغِمَاسُهُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ رَاكِدٍ. فَإِنْ أَخْرَجَ وَجْهَهُ، ثُمَّ يَدَيْهِ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْمَاءِ مُرَاعِيًا لِلتَّرْتِيبِ أَجْزَأَهُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ، وَابْنُ رَزِينٍ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَغَيْرِهِمْ. وَتَقَدَّمَتْ الرِّوَايَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ، وَقِيلَ: إنْ مَكَثَ فِيهِ قَدْرًا يَتَّسِعُ لِلتَّرْتِيبِ، وَقُلْنَا: يُجْزِيهِ غَسْلُ الرَّأْسِ عَنْ مَسْحِهِ، أَوْ مَسَحَهُ، ثُمَّ مَكَثَ بِرِجْلَيْهِ قَدْرًا يَسْعَ غَسْلَهُمَا أَجْزَأَهُ. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ الْأَقْوَى عِنْدِي. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: لَمْ يُفَرِّقْ أَحْمَدُ بَيْنَ الْجَارِي وَالرَّاكِدِ، وَإِنَّ تَحَرُّكَهُ فِي الرَّاكِدِ يَصِيرُ كَالْجَارِي. فَلَا بُدَّ مِنْ التَّرْتِيبِ.
قَوْلُهُ {وَالْمُوَالَاةُ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ} . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَابْنُ تَمِيمٍ إحْدَاهَا: هِيَ فَرْضٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. لِقَوْلِهِ فِي مَسْحِ الْخُفَّيْنِ: فَإِنْ خَلَعَ قَبْلَ ذَلِكَ أَعَادَ الْوُضُوءَ، وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ. وَالثَّانِيَةُ: لَيْسَتْ بِفَرْضٍ، بَلْ هِيَ سُنَّةٌ، وَقِيلَ: إنَّهَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي فُرُوضِ الْوُضُوءِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي: وَلَمْ يَذْكُرْ الْخِرَقِيُّ الْمُوَالَاةَ. تَنْبِيهٌ: الرِّوَايَتَانِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَعُودَانِ إلَى الْمُوَالَاةِ فَقَطْ. لِمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute