بِنَاءً عَلَى أَنَّ شَرْطَ النِّيَّةِ الْحُكْمِيَّةِ: قُرْبُ الْفِعْلِ مِنْهَا، كَحَالَةِ الِابْتِدَاءِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَدَلَّ عَلَى الْخِلَافِ، كَمَا يَأْتِي فِي نِيَّةِ الْحَجِّ فِي دُخُولِ مَكَّةَ، وَنِيَّةِ الصَّلَاةِ وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي الْغُسْلِ
قَوْلُهُ {وَالنِّيَّةُ شَرْطٌ لِطَهَارَةِ الْحَدَثِ كُلِّهَا} . وَهَذَا الْمَذْهَبُ الْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: النِّيَّةُ فَرْضٌ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقُ، وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: وَالنِّيَّةُ مِنْ فُرُوضِهَا. وَأَوَّلُوا كَلَامَهُ. وَقِيلَ: رُكْنٌ. ذَكَرَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ. قُلْت: لَا يَظْهَرُ التَّنَافِي بَيْنَ الْقَوْلِ بِفَرْضِيَّتِهَا وَرُكْنِيَّتِهَا. فَلَعَلَّهُ حَكَى عِبَارَاتِ الْأَصْحَابِ. وَذَكَرَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ وَجْهًا فِي الْمُذْهَبِ: أَنَّ النِّيَّةَ لَا تُشْتَرَطُ فِي طَهَارَةِ الْحَدَثِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: وَهُوَ شَاذٌّ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: ذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ أَصْحَابِنَا وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ: أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْعِبَادَةِ النِّيَّةُ. وَقَالَ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: وَيَتَوَجَّهُ عَلَى الْمَذْهَبِ صِحَّةُ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ. قَالَ: وَقَدْ بَنَى الْقَاضِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَنَّ التَّجْدِيدَ: هَلْ يَرْفَعُ الْحَدَثَ أَمْ لَا؟ وَيَأْتِي فِي آخِرِ أَحْكَامِ النِّيَّةِ: هَلْ يَحْتَاجُ غَسْلُ الذِّمِّيَّةِ إلَى النِّيَّةِ، أَمْ لَا؟
فَائِدَةٌ: لَا يُسْتَحَبُّ التَّلَفُّظُ بِالنِّيَّةِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قَالَ: هُوَ الصَّوَابُ، الْوَجْهُ الثَّانِي: يُسْتَحَبُّ التَّلَفُّظُ بِهَا سِرًّا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عُبَيْدَانَ، وَالتَّلْخِيصِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ رَزِينٍ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ الْأَوْلَى عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ.
تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ " وَالنِّيَّةُ شَرْطٌ لِطَهَارَةِ الْحَدَثِ " أَنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ لِطَهَارَةِ الْخُبْثِ.
وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقِيلَ: شَرْطٌ كَطَهَارَةِ الْحَدَثِ. وَحَكَى ابْنُ مُنَجَّا فِي النِّهَايَةِ: أَنَّ الْأَصْحَابَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute