قَوْلُهُ (وَيَوْمِ الشَّكِّ) . يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ صَوْمُهُ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَصُومَ يَوْمَ الشَّكِّ، فَتَارَةً يَصُومُهُ لِكَوْنِهِ وَافَقَ عَادَتَهُ، وَتَارَةً يَصُومُهُ مَوْصُولًا قَبْلَهُ، وَتَارَةً يَصُومُهُ عَنْ قَضَاءِ فَرْضٍ، وَتَارَةً يَصُومُهُ عَنْ نَذْرٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ مُطْلَقٍ، وَتَارَةً يَصُومُهُ بِنِيَّةِ الرَّمَضَانِيَّةِ احْتِيَاطًا. وَتَارَةً يَصُومُهُ تَطَوُّعًا مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ، فَهَذِهِ سِتُّ مَسَائِلَ. إحْدَاهَا: إذَا وَافَقَ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ عَادَتَهُ، فَهَذَا لَا يُكْرَهُ صَوْمُهُ، وَقَدْ اسْتَثْنَاهُ الْمُصَنِّفُ فِي كَلَامِهِ بَعْدَ ذَلِكَ.
الثَّانِيَةُ: إذَا صَامَهُ مَوْصُولًا بِمَا قَبْلَهُ مِنْ الصَّوْمِ، فَإِنْ كَانَ مَوْصُولًا بِمَا قَبْلَ النِّصْفِ فَلَا يُكْرَهُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِنْ وَصَلَهُ بِمَا بَعْدَ النِّصْفِ لَمْ يُكْرَهْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ، وَمَبْنَاهُمَا عَلَى جَوَازِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ نِصْفِ شَعْبَانَ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ تَقَدُّمُ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، وَقِيلَ: يُكْرَهُ بَعْدَ النِّصْفِ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْحَاوِيَيْنِ، وَمَالَ صَاحِبُ الْفُرُوعِ إلَى تَحْرِيمِ تَقَدُّمِ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ. الثَّالِثَةُ: إذَا صَامَهُ عَنْ قَضَاءِ فَرْضٍ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ. وَعَنْهُ يُكْرَهُ صَوْمُهُ قَضَاءً، جَزَمَ بِهِ الشِّيرَازِيُّ فِي الْإِيضَاحِ، وَابْنُ هُبَيْرَةَ فِي الْإِفْصَاحِ، وَصَاحِبُ الْوَسِيلَةِ فِيهَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَيَتَوَجَّهُ طَرْدُهُ فِي كُلِّ وَاجِبٍ لِلشَّكِّ فِي بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ. الرَّابِعَةُ: إذَا وَافَقَ نَذْرٌ مُعَيَّنٌ يَوْمَ الشَّكِّ، أَوْ كَانَ النَّذْرُ مُطْلَقًا: لَمْ يُكْرَهْ صَوْمُهُ قَوْلًا وَاحِدًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute