وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا: لَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِي أَيَّامِ النَّهْيِ الَّتِي لَا يَصِحُّ صَوْمُهَا، وَاعْتِكَافُهَا نَذْرًا وَنَفْلًا كَصَوْمِهَا نَذْرًا وَنَفْلًا، فَإِنْ أَتَى عَلَيْهِ يَوْمُ الْعِيدِ فِي أَثْنَاءِ اعْتِكَافٍ مُتَتَابِعٍ، فَإِنْ قُلْنَا: يَجُوزُ الِاعْتِكَافُ فِيهِ، فَالْأَوْلَى: أَنْ يَثْبُتَ مَكَانَهُ، وَيَجُوزُ خُرُوجُهُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ، وَلَا يَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَجُوزُ خَرَجَ إلَى الْمُصَلَّى إنْ شَاءَ وَإِلَى أَهْلِهِ، وَعَلَيْهِ حُرْمَةُ الْعُكُوفِ. ثُمَّ يَعُودُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِهِ لِتَمَامِ أَيَّامِهِ.
فَوَائِدُ. الْأُولَى: عَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِ الصَّوْمِ: لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الصَّوْمُ لَهُ، مَا لَمْ يَنْذُرْهُ. بَلْ يَصِحُّ فِي الْجُمْلَةِ، سَوَاءٌ كَانَ فَرْضَ رَمَضَانَ، أَوْ كَفَّارَةً، أَوْ نَذْرًا، أَوْ تَطَوُّعًا.
الثَّانِيَةُ: لَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ رَمَضَانَ فَفَاتَهُ: لَزِمَهُ شَهْرٌ غَيْرُهُ بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ هَلْ يَلْزَمُهُ صَوْمٌ؟ قَدَّمَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهُ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَهُوَ أَوْلَى. ثُمَّ قَالَ: وَقِيلَ: إنْ شَرَطْنَاهُ فِيهِ لَزِمَهُ، وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا هُوَ الَّذِي فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَقَالَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَأَطْلَقَ اللُّزُومَ وَعَدَمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَأَمَّا إذَا شَرَطَ فِيهِ الصَّوْمَ: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يُجْزِئُهُ رَمَضَانُ آخَرُ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهًا: لَا يُجْزِئُهُ، وَأَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَجْهَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَاضِي خِلَافًا فِي نَذْرِ الِاعْتِكَافِ الْمُطْلَقِ: أَنَّهُ يُجْزِئُهُ صَوْمُ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهَذَا خِلَافُ نَصِّ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَمُتَنَاقِضٌ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ أَقْرَبُ إلَى الْتِزَامِ الصَّوْمِ، فَهُوَ أَوْلَى. ذَكَرَهُ الْمَجْدُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْقَوْلُ بِهِ فِي الْمُطْلَقِ مُتَعَيِّنٌ.
الثَّالِثَةُ: لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ عَشْرِ رَمَضَانَ الْأَخِيرِ فَفَاتَهُ، فَالصَّحِيحُ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute