فَائِدَتَانِ. إحْدَاهَا: يَلْزَمُهُ أَنْ يَدْخُلَ مُعْتَكَفَهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. كَمَا تَقَدَّمَ فِي نَظِيرَتِهَا، وَعَنْهُ أَوْ وَقْتَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَعَنْهُ أَوْ قَبْلَ الْفَجْرِ الثَّانِي مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ فِيهِ.
الثَّانِيَةُ: يَكْفِيهِ شَهْرٌ هِلَالِيٌّ نَاقِصٌ بِلَيَالِيِهِ. أَوْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا بِلَيَالِيِهَا. قَالَ الْمَجْدُ عَلَى رِوَايَةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّتَابُعُ: يَجُوزُ إفْرَادُ اللَّيَالِي عَنْ الْأَيَّامِ إذَا لَمْ نَعْتَبِرْ الصَّوْمَ، وَإِنْ اعْتَبَرْنَاهُ لَمْ يَجِبْ. وَوَجَبَ اعْتِكَافُ كُلِّ يَوْمٍ مَعَ لَيْلَتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَيْهِ، وَإِنْ ابْتَدَأَ الثَّلَاثِينَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ فَتَمَامُهُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مِنْ الْيَوْمِ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ، وَإِنْ لَمْ نَعْتَبِرْ الصَّوْمَ، وَإِنْ اعْتَبَرْنَاهُ فَثَلَاثِينَ لَيْلَةً صِحَاحًا بِأَيَّامِهَا الْكَامِلَةِ، فَيَتِمُّ اعْتِكَافُهُ بِغُرُوبِ شَمْسِ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، أَوْ الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِئَلَّا يَعْتَكِفَ بَعْضَ يَوْمٍ، أَوْ بَعْضَ لَيْلَةٍ دُونَ يَوْمِهَا الَّذِي يَلِيهَا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ نَذَرَ أَيَّامًا مَعْدُودَةً فَلَهُ تَفْرِيقُهَا) . وَكَذَا لَوْ نَذَرَ لَيَالِيَ مَعْدُودَةً، وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِيهِمَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ إلَّا إذَا نَذَرَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا لِلْقَرِينَةِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِيهِ لَفْظُ الشَّهْرِ، فَعُدُولُهُ عَنْهُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ التَّتَابُعِ. قُلْت: لَوْ قِيلَ يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ فِي نَذْرِهِ الثَّلَاثِينَ يَوْمًا: لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ. ثُمَّ وَجَدْت ابْنَ رَزِينٍ فِي نِهَايَتِهِ ذَكَرَهُ وَجْهًا، وَقَدَّمَهُ نَاظِمُهَا.
تَنْبِيهٌ: مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ " فَلَهُ تَفْرِيقُهَا " إذَا لَمْ يَنْوِ التَّتَابُعَ، فَأَمَّا إذَا نَوَى التَّتَابُعَ: فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute