قَوْلُهُ (وَالدُّخُولُ إلَى مَسْجِدٍ يُتِمُّ اعْتِكَافَهُ فِيهِ) إذَا خَرَجَ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ، فَدَخَلَ مَسْجِدًا يُتِمُّ اعْتِكَافَهُ فِيهِ جَازَ. إنْ كَانَ الثَّانِي أَقْرَبَ إلَى مَكَانِ حَاجَتِهِ مِنْ الْأَوَّلِ. وَإِنْ كَانَ أَبْعَدَ، أَوْ خَرَجَ إلَيْهِ ابْتِدَاءً بِلَا عُذْرٍ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ؛ لِتَرْكِهِ لُبْثًا مُسْتَحَقًّا، جَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ فِيهِمَا. كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَوَّلِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِ الْمُعْتَادِ فِي الْمُتَتَابِعِ، وَتَطَاوَلَ: خُيِّرَ بَيْنَ اسْتِئْنَافِهِ وَإِتْمَامِهِ، مَعَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ) . مُرَادُهُ " بِالتَّتَابُعِ " غَيْرُ الْمُعَيَّنِ. وَمُرَادُهُ " بِالْخُرُوجِ غَيْرِ الْمُعْتَادِ " الْخُرُوجُ لِلنَّفِيرِ، وَالْخَوْفِ، وَالْمَرَضِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: يُتِمُّهُ، وَفِي الْكَفَّارَةِ الْخِلَافُ. وَقِيلَ: أَوْ يَسْتَأْنِفُ إنْ شَاءَ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ. وَيَتَخَرَّجُ يَلْزَمُ الِاسْتِئْنَافُ فِي مَرَضٍ يُبَاحُ الْفِطْرُ بِهِ، وَلَا يَجِبُ، بِنَاءً عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِي انْقِطَاعِ صَوْمِ الْكَفَّارَةِ بِمَا يُبِيحُ الْفِطْرَ وَلَا يُوجِبُهُ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: أَنَّ كُلَّ خُرُوجٍ لِوَاجِبٍ كَمَرَضٍ لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ، وَإِلَّا كَانَ فِيهِ الْكَفَّارَةُ، وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ، إلَّا لِعُذْرِ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ لِأَنَّهُ مُعْتَادٌ كَحَاجَةِ الْإِنْسَانِ، وَضَعَّفَ الْمَجْدُ كَلَامَ الْقَاضِي، وَالْمُصَنِّفِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ الْمَجْدُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ لَا يَقْضِي، وَلَعَلَّهُ أَظْهَرُ. قَالَ: وَيَتَوَجَّهُ مِنْ قَوْلِ الْقَاضِي هُنَا فِي الصَّوْمِ وَلَا فَرْقَ.
فَائِدَةٌ: تَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ الْخُرُوجَ لِغَيْرِ الْمُعْتَادِ: يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُوجَدُ خُرُوجٌ لِمُعْتَادٍ وَهُوَ صَحِيحٌ، فَالْمُعْتَادُ مِنْ هَذِهِ الْأَعْذَارِ: حَاجَةُ الْإِنْسَانِ إجْمَاعًا، وَالطَّهَارَةُ مِنْ الْحَدَثِ إجْمَاعًا، وَالطَّعَامُ وَالشَّرَابُ إجْمَاعًا، وَالْجُمُعَةُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ شُرُوطُ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute