وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمُ، وَصَاحِبِ التَّلْخِيصِ: إنْ كَانَ الْخُرُوجُ لِحَقِّ نَفْسِهِ كَالْمَرَضِ وَالْفِتْنَةِ، وَنَحْوِهِمَا وَجَبَتْ، وَإِنْ كَانَ لِحَقٍّ عَلَيْهِ كَالشَّهَادَةِ وَالنَّفِيرِ وَالْحَيْضِ فَلَا كَفَّارَةَ، وَقِيلَ: تَجِبُ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ وَحَنْبَلٌ: عَدَمَ الْكَفَّارَةِ فِي الِاعْتِكَافِ، وَحَمَلَهُ الْمَجْدُ عَلَى رِوَايَةِ عَدَمِ وُجُوبِهَا فِي الصَّوْمِ، وَسَائِرِ الْمَنْذُورَاتِ.
فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: لَوْ تَرَكَ اعْتِكَافَ الزَّمَنِ الْمُعَيَّنِ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ: قَضَاهُ مُتَتَابِعًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ نِيَّتِهِ. الثَّانِيَةُ: إذَا خَرَجَ لِغَيْرِ الْمُعْتَادِ وَتَطَاوَلَ فِي نَذْرِ أَيَّامٍ مُطْلَقَةٍ. فَإِنْ قُلْنَا: يَجِبُ التَّتَابُعُ، عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي السَّابِقِ: فَحُكْمُهُ حُكْمُ النَّذْرِ الْمُتَتَابِعِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَجِبُ: تَمَّمَ مَا بَقِيَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. لَكِنَّهُ يَبْتَدِئُ الْيَوْمَ الَّذِي خَرَجَ فِيهِ مِنْ أَوَّلِهِ لِيَكُونَ مُتَتَابِعًا، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. هَذَا الْمَذْهَبُ. وَقَالَ الْمَجْدُ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ: يُخَيَّرُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْبِنَاءِ عَلَى بَعْضِ الْيَوْمِ وَيُكَفِّرُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ خَرَجَ لِمَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ فِي الْمُتَتَابِعِ: لَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهُ) . يَعْنِي سَوَاءً كَانَ مُتَتَابِعًا بِشَرْطٍ كَمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ مُتَتَابِعًا، أَوْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ، أَوْ كَانَ مُتَتَابِعًا بِنِيَّةٍ، أَوْ قُلْنَا: يُتَابِعُ فِي الْمُطْلَقِ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَامِدًا مُخْتَارًا، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: يَسْتَأْنِفُ الْمُطْلَقَ الْمُتَتَابِعَ بِلَا كَفَّارَةٍ، وَقِيلَ: أَوْ يَبْنِي أَوْ يُكَفِّرُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ، وَهَذَا الْقَوْلُ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ.
فَائِدَةٌ: خُرُوجُهُ لِمَا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ مُبْطِلٌ، سَوَاءٌ تَطَاوَلَ أَوْ لَا. لَكِنْ لَوْ أَخْرَجَ بَعْضَ جَسَدِهِ: لَمْ يَبْطُلْ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: يَبْطُلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute