تَنْبِيهٌ: شَمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْمُرْتَدَّ، وَهُوَ كَذَلِكَ. لَكِنْ هَلْ يَلْزَمُهُ الْحَجُّ بِاسْتِطَاعَتِهِ فِي حَالِ رِدَّتِهِ؟ فَإِنْ قُلْنَا: يَقْضِي مَا فَاتَهُ مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ: لَزِمَهُ الْحَجُّ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا تَبْطُلُ اسْتِطَاعَتُهُ بِرِدَّتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ تَبْطُلُ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَجُّ بِاسْتِطَاعَتِهِ فِي حَالِ رِدَّتِهِ فَقَطْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ يَجِبُ، وَإِنْ حَجَّ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ وَهُوَ مُسْتَطِيعٌ لَمْ يَلْزَمْهُ حَجٌّ ثَانٍ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ. وَالْإِفَادَاتِ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْجَزَرِيُّ، وَجَمَاعَةٌ: يَبْطُلُ الْحَجُّ بِالرِّدَّةِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ هُنَا، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفَائِقِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ كُلُّهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ، فَلْيُرَاجَعْ.
فَوَائِدُ. الْأُولَى: لَا يَصِحُّ الْحَجُّ مِنْ الْكَافِرِ، وَيَبْطُلُ إحْرَامُهُ، وَيَخْرُجُ مِنْهُ بِرِدَّتِهِ فِيهِ. الثَّانِيَةُ: لَا يَجِبُ الْحَجُّ عَلَى الْمَجْنُونِ إجْمَاعًا. لَكِنْ لَا تَبْطُلُ اسْتِطَاعَتُهُ بِجُنُونِهِ، وَلَا يَصِحُّ الْحَجُّ مِنْهُ إنْ عَقَدَهُ بِنَفْسِهِ إجْمَاعًا، وَكَذَا إنْ عَقَدَهُ لَهُ الْوَلِيُّ، اقْتِصَارًا عَلَى النَّصِّ فِي الطِّفْلِ، وَقِيلَ: يَصِحُّ. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. الثَّالِثَةُ: هَلْ يَبْطُلُ إحْرَامُهُ بِالْجُنُونِ؟ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَاتِ، أَمْ لَا يَبْطُلُ كَالْمَوْتِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَابْنُ عَقِيلٍ.
أَحَدُهُمَا: لَا يَبْطُلُ. قُلْت: وَهُوَ قِيَاسُ الصَّوْمِ. إذَا أَفَاقَ جُزْءًا مِنْ الْيَوْمِ، وَالصَّحِيحُ هُنَاكَ الصِّحَّةُ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، فَعَلَيْهِ: حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute