يَعْلَمُوا بِتَوْقِيتِهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ ذَاتَ عِرْقٍ، فَقَالَ ذَلِكَ بِرَأْيِهِ، فَأَصَابَ فَقَدْ كَانَ مُوَفَّقًا لِلصَّوَابِ. انْتَهَى. قُلْت: يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ، وَمِنْ الْمُحَالِ: أَنْ يَعْلَمَ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ بِالسُّنَّةِ، ثُمَّ يَسْأَلُونَهُ أَنْ يُوَقِّتَ لَهُمْ.
الثَّالِثَةُ: الْأَوْلَى أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ الْمِيقَاتِ، فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ آخِرِهِ جَازَ، ذَكَرَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ (وَهَذِهِ الْمَوَاقِيتُ لِأَهْلِهَا وَلِمَنْ مَرَّ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِهِمْ) ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، فَلَوْ مَرَّ أَهْلُ الشَّامِ وَغَيْرُهُمْ عَلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ، أَوْ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْمِيقَاتِ عَلَى غَيْرِهِ: لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مُجَاوَزَتُهُ إلَّا مُحْرِمِينَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إلَى الْجُحْفَةِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَجَعَلَهُ فِي الْفُرُوعِ تَوْجِيهًا مِنْ عِنْدِهِ، وَقَوَّاهُ وَمَالَ إلَيْهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ عَطَاءٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَمَالِكٍ
قَوْلُهُ (وَمَنْ مَنْزِلُهُ دُونَ الْمِيقَاتِ: فَمِيقَاتُهُ مِنْ مَوْضِعِهِ) بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ لَوْ كَانَ لَهُ مَنْزِلَانِ جَازَ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَقْرَبِهِمَا إلَى الْبَيْتِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ الْبَعِيدِ أَوْلَى، وَقِيلَ: هُمَا سَوَاءٌ.
قَوْلُهُ (وَأَهْلُ مَكَّةَ إذَا أَرَادُوا الْعُمْرَةَ: فَمِنْ الْحِلِّ) سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ. وَسَوَاءٌ كَانَ فِي مَكَّةَ أَوْ فِي الْحَرَمِ. هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَكُلَّمَا تَبَاعَدَ كَانَ أَفْضَلَ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: أَنَّ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا، إذَا أَرَادَ عُمْرَةً وَاجِبَةً: فَمِنْ الْمِيقَاتِ، فَلَوْ أَحْرَمَ مِنْ دُونِهِ: لَزِمَهُ دَمٌ، وَإِنْ أَرَادَ نَفْلًا: فَمِنْ أَدْنَى الْحِلِّ. وَعَنْهُ مَنْ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ. أَطْلَقَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَزَادَ غَيْرُ وَاحِدٍ فِيهَا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَهَلَّ بِالْحَجِّ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ دَمٌ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهِيَ ضَعِيفَةٌ عِنْدَ الْأَصْحَابِ. وَأَوَّلَهَا بَعْضُهُمْ بِسُقُوطِ دَمِ الْمُتْعَةِ عَنْ الْآفَاقِيِّ وَبِخُرُوجِهِ إلَى الْمِيقَاتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute