وَإِنْ أَفْسَدَ الْمُتَمَتِّعُ عُمْرَتَهُ، وَمَضَى فِيهَا وَأَتَمَّهَا، فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: يَخْرُجُ إلَى الْمِيقَاتِ فَيُحْرِمُ مِنْهُ بِعُمْرَةٍ، فَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْحَجِّ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ مَكَّةَ. وَعَلَيْهِ دَمٌ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْحَجِّ: أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ الَّتِي أَفْسَدَهَا، وَعَلَيْهِ هَدْيٌ لِمَا أَفْسَدَ مِنْ عُمْرَتِهِ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ، وَالْمَيْمُونِيُّ: فَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا أَحْرَمَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ مَا أَفْسَدَ. قَالَ الْقَاضِي، وَمَنْ تَبِعَهُ تَفْرِيعًا عَلَى رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ إنَّ دَمَ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ يَسْقُطُ بِالْإِفْسَادِ، فَقَالَ: إنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ لِلْقَضَاءِ فَهَلْ هُوَ مُتَمَتِّعٌ؟ إنْ أَنْشَأَ سَفَرَ قَصْرٍ: فَمُتَمَتِّعٌ، وَإِلَّا فَلَا عَلَى ظَاهِرِ نَقْلِ ابْنِ إبْرَاهِيمَ: إذَا أَنْشَأَ سَفَرَ قَصْرٍ فَمُتَمَتِّعٌ. وَنَقَلَ ابْنُ إبْرَاهِيمَ رِوَايَةً أُخْرَى: تَقْتَضِي إنْ بَلَغَ الْمِيقَاتَ: فَمُتَمَتِّعٌ، فَقَالَ: لَا تَكُونُ مُتْعَةً حَتَّى يَخْرُجَ إلَى مِيقَاتِهِ.
الثَّانِيَةُ: قَضَاءُ الْعَبْدِ كَنَذْرِهِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يَصِحُّ فِي حَالِ رِقِّهِ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ بِإِيجَابِهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: هَذَا أَشْهَرُ، وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ [وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْمَنَاسِكِ فِي أَحْكَامِ الْعَبْدِ] وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَفْسَدَهُ مَأْذُونًا فِيهِ: قَضَى مَتَى قَدَرَ. نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ، وَلَمْ يَمْلِكْ مَنْعَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ فِيهِ إذْنٌ فِي مُوجِبِهِ وَمُقْتَضَاهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ: مَلَكَ السَّيِّدُ مَنْعَهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، لِتَفْوِيتِ حَقِّهِ. وَقِيلَ: لَا يَمْلِكُهُ لِوُجُوبِهِ [وَتَقَدَّمَ أَيْضًا هُنَاكَ] وَإِنْ أُعْتِقَ قَبْلَ الْقَضَاءِ: انْصَرَفَ إلَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: عِنْدِي لَا يَصِحُّ.
الثَّالِثَةُ: يَلْزَمُ الصَّبِيَّ الْقَضَاءُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ إذَا أَفْسَدَهُ. نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبَدَنَةُ، وَالْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ، كَبَالِغٍ. وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ، وَحَكَاهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ احْتِمَالًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute