فِي الْإِرْشَادِ، وَحَيْثُ قَوَّمَ الْمِثْلِيَّ أَوْ الصَّيْدَ: فَإِنَّهُ يَشْتَرِي بِهِ طَعَامًا لِلْمَسَاكِينِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَعَنْهُ لَهُ الصَّدَقَةُ بِالدَّرَاهِمِ. وَلَيْسَتْ الْقِيمَةُ مِمَّا خَيَّرَ اللَّهُ [فِيهِ] . ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَهَلْ يَجُوزُ إخْرَاجُ الْقِيمَةِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: التَّقْوِيمُ: يَكُونُ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي أَتْلَفَهُ فِيهِ وَبِقُرْبِهِ. نَقَلَهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَسِنْدِيٌّ، وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَجَزَمَ غَيْرُ وَاحِدٍ يُقَوِّمُهُ بِالْحَرَمِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ ذَبْحِهِ. وَتَقَدَّمَ رِوَايَةٌ أَنَّهُ يُقَوِّمُ الصَّيْدَ مَكَانَ إتْلَافِهِ أَوْ بِقُرْبِهِ.
الثَّانِي: الطَّعَامُ هُنَا: هُوَ الَّذِي يَخْرُجُ فِي الْفِطْرَةِ، وَفِدْيَةُ الْأَدْنَى عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ، وَقِيلَ: يُجْزِئُ أَيْضًا كُلُّ مَا يُسَمَّى طَعَامًا، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ، وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ.
الثَّالِثُ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ " فَيُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا " أَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْبُرِّ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَكَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَأَجْرَاهُ ابْنُ مُنَجَّى عَلَى ظَاهِرِهِ، وَشَرَحَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ إلَى غَيْرِهِ، وَقَالَ الشَّارِحُ: وَالْأَوْلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ مِنْ غَيْرِ الْبُرِّ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ صَاعٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي الشَّرْعِ فِي مَوْضِعٍ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فِي طُعْمَةِ الْمَسَاكِينِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا الْمَنْصُوصُ وَالْمَشْهُورُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْمُحَرَّرِ. قُلْت: وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute