قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ: أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي هَذِهِ الْخَمْسَةِ، فَبِأَيِّهَا كَفَّرَ أَجْزَأَهُ. وَكَذَا نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الشَّارِحُ: إنَّمَا صَرَّحَ الْخِرَقِيُّ بِإِجْزَاءِ سَبْعٍ مِنْ الْغَنَمِ مَعَ وُجُودِ الْبَدَنَةِ. هَكَذَا ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ قَدْ نَقَلَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ عَنْهُ فِي غَيْرِ كِتَابِهِ الْمُخْتَصَرِ. انْتَهَى.
فَائِدَةٌ: قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ فِيهَا يَعْنِي: بَعْدَ هَذَا مَنْشَأُ الْخِلَافِ بَيْنَ الْخِرَقِيِّ وَالْقَاضِي: أَنَّ الْوَطْءَ هَلْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِمْتَاعَاتِ أَوْ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِهْلَاكَاتِ؟ فَعَلَى هَذَا، إنْ قِيلَ: هُوَ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِمْتَاعَاتِ: وَجَبَ أَنْ تَكُونَ كَفَّارَتُهُ عَلَى التَّخْيِيرِ؛ لِأَنَّ الطِّيبَ وَاللُّبْسَ اسْتِمْتَاعٌ، وَهُمَا عَلَى التَّخْيِيرِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنْ قِيلَ: هُوَ مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِهْلَاكِ: وَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَلَى التَّرْتِيبِ؛ لِأَنَّ قَتْلَ الصَّيْدِ اسْتِهْلَاكٌ. وَكَفَّارَتُهُ عَلَى التَّرْتِيبِ عَلَى الصَّحِيحِ. انْتَهَى.
فَائِدَةٌ: قَالَ ابْنُ مُنَجَّى فِي شَرْحِهِ: وَاعْلَمْ أَنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ الْبَدَنَةِ إلَى الصِّيَامِ لَمْ أَجِدْ بِهِ قَوْلًا لِأَحْمَدَ، وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَكَأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اخْتَارَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ مُوَافَقَةِ الْعَبَادِلَةِ، إلَّا أَنَّ فِيهِ نَظَرًا نَقْلًا وَأَثَرًا. أَمَّا النَّقْلُ: فَقَالَ فِي الْمُغْنِي: يَجِبُ عَلَى الْمُجَامِعِ بَدَنَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَشَاةٌ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ شَبَّهَ هُنَا فِدْيَةَ الْوَطْءِ بِفِدْيَةِ الْمُتْعَةِ. وَالشَّبَهُ إنَّمَا يَكُونُ فِي ذَاتِ الْوَاجِبِ، أَوْ فِي نَفْسِ الِانْتِقَالِ. وَيَرِدُ عَلَى الْأَوَّلِ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهَا بَدَنَةٌ بَلْ شَاةٌ، وَعَلَى الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِانْتِقَالُ فِي الْمُتْعَةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الشَّاةِ. قُلْت: فِي كَلَامِ ابْنِ مُنَجَّى شَيْءٌ، وَهُوَ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ الْمُصَنِّفِ فِي الْمُغْنِي أَنَّهُ قَالَ: يَجِبُ عَلَى الْمُجَامِعِ بَدَنَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَشَاةٌ، وَهَذَا لَمْ يَنْقُلْهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي عَنْ أَصْحَابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute