للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ وَرَدَ «أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا» وَفِي رِوَايَةٍ «مَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا» وَفِي رِوَايَةٍ «مَا بَيْنَ مَأْزِمَيْهَا» . قَالَ الْحَافِظُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِهِ: رِوَايَةُ «مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا» أَرْجَحُ لِتَوَارُدِ الرِّوَايَةِ عَلَيْهَا، وَرِوَايَةُ " جَبَلَيْهَا " لَا تُنَافِيهَا، فَيَكُونُ عِنْدَ كُلِّ جَبَلٍ لَابَةٌ. أَوْ " لَابَتَيْهَا " مِنْ جِهَةِ الْجَنُوبِ وَالشِّمَالِ، وَ " جَبَلَيْهَا " مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، وَعَاكَسَهُ فِي الْمَطْلَعِ، وَأَمَّا رِوَايَةُ " مَأْزِمَيْهَا "، فَالْمَأْزِمُ: الْمَضِيقُ بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ. وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْجَبَلِ نَفْسِهِ.

فَوَائِدُ الْأُولَى: مَكَّةُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَنَصَرَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَغَيْرُهُمْ، وَأَخَذَهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ الْجِوَارِ بِمَكَّةَ؟ فَقَالَ: كَيْفَ لَنَا بِهِ؟ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّك لَأَحَبُّ الْبِقَاعِ إلَى اللَّهِ، وَإِنَّك لَأَحَبُّ الْبِقَاعِ إلَيَّ» وَعَنْهُ: الْمَدِينَةُ أَفْضَلُ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ: الْكَعْبَةُ أَفْضَلُ مِنْ مُجَرَّدِ الْحُجْرَةِ، فَأَمَّا وَهُوَ فِيهَا: فَلَا وَاَللَّهِ وَلَا الْعَرْشُ وَحَمَلَتُهُ وَالْجَنَّةُ؛ لِأَنَّ فِي الْحُجْرَةِ جَسَدًا لَوْ وُزِنَ بِهِ لَرَجَحَ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَدَلَّ كَلَامُ الْأَصْحَابِ أَنَّ التُّرْبَةَ عَلَى الْخِلَافِ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا فَضَّلَ التُّرْبَةَ عَلَى الْكَعْبَةِ إلَّا الْقَاضِي عِيَاضٌ، وَلَمْ يَسْبِقْهُ أَحَدٌ، وَقَالَ فِي الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْمُجَاوَرَةِ، وَجَزَمُوا بِأَفْضَلِيَّةِ الصَّلَاةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>