مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ أَيْضًا نِيَّةُ مَنْ يُوَضِّئُهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا. وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. وَمِنْهَا: لَوْ يَمَّمَهُ مُسْلِمٌ بِإِذْنِهِ صَحَّ. وَمَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ أَيْضًا. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ فِي التَّيَمُّمِ: إنْ عَجَزَ عَنْهُ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ مَنْ يُوَضِّئُهُ مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا. وَقِيلَ: بَلْ مُسْلِمٌ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ.
وَمِنْهَا: لَوْ أَكْرَهَ مَنْ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ، أَوْ يُوَضِّئُهُ، عَلَى وُضُوئِهِ. لَمْ يَصِحَّ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَقِيلَ: يَصِحُّ فِي صَبِّ الْمَاءِ فَقَطْ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ حُكْمَ مَنْ يُوَضِّئُهُ وَإِنْ أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ. فَفَهِمَ صَاحِبُ الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: أَنَّ الْمُكْرَهَ بِفَتْحِ الرَّاءِ هُوَ الْمُتَوَضِّئُ. فَقَالَ بَعْدَ أَنْ حَكَى ذَلِكَ كَذَا ذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ. قَالَ: وَمَحَلُّ النِّزَاعِ مُشْكِلٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ. فَإِنَّهُ إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْوُضُوءِ وَنَوَى وَتَوَضَّأَ لِنَفْسِهِ صَحَّ بِلَا تَرَدُّدٍ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ: إذَا أُكْرِهَ عَلَى الْعِبَادَةِ وَفَعَلَهَا لِدَاعِي الشَّرْعِ، لَا لِدَاعِي الْإِكْرَاهِ: صَحَّتْ، وَإِنْ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَنْوِ لَمْ يَصِحَّ، إلَّا عَلَى وَجْهٍ شَاذٍّ: أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ لِطَهَارَةِ الْحَدَثِ نِيَّةٌ. وَقَدْ يُقَالُ: لَا يَصِحُّ. وَلَا يَنْوِي؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ يُنْسَبُ إلَى الْغَيْرِ. فَبَقِيَتْ النِّيَّةُ مُجَرَّدَةً عَنْ فِعْلٍ فَلَا تَصِحُّ. وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْأَيْمَانِ: أَنَّ الْمُكْرَهَ بِالتَّهْدِيدِ إذَا فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَى تَرْكِهِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ يُنْسَبُ إلَى الْغَيْرِ. انْتَهَى.
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ: أَنَّ مُرَادَ صَاحِبِ الْفُرُوعِ بِالْإِكْرَاهِ: إكْرَاهُ مَنْ يَصُبُّ الْمَاءَ، أَوْ يُوَضِّئُهُ. بِدَلِيلِ السِّيَاقِ وَالسِّبَاقِ، وَمُوَافَقَةِ صَاحِبِ الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ. فَتَقْدِيرُ كَلَامِهِ: وَإِنْ أُكْرِهَ الْمُتَوَضِّئُ لِمَنْ يُوَضِّئُهُ. فَعَلَى هَذَا يَزُولُ الْإِشْكَالُ الَّذِي أَوْرَدَهُ.
وَمِنْهَا: يُكْرَهُ نَفْضُ الْمَاءِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ: كَرِهَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute