إنْ كَانَ الْمَمْسُوحُ عَلَيْهِ غَيْرَ جَبِيرَةٍ: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْمَسْحِ عَلَيْهِ كَمَالُ الطَّهَارَةِ قَبْلَ لُبْسِهِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ لَا يُشْتَرَطُ كَمَالُهَا، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ. وَقَالَ: وَعَنْهُ لَا يُشْتَرَطُ الطَّهَارَةُ لِمَسْحِ الْعِمَامَةِ ذَكَرَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ. فَعَلَى كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ: يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ الطَّهَارَةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ الْمَقْطُوعُ بِهِ عِنْدَ الْأَصْحَابِ.
وَحَكَى أَبُو الْفَرَجِ رِوَايَةً بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ الطَّهَارَةِ رَأْسًا. فَإِنْ لَبِسَ مُحْدِثًا ثُمَّ تَوَضَّأَ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ فِي الْخُفِّ جَازَ لَهُ الْمَسْحُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ غَرِيبٌ بَعِيدٌ. قُلْت: اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَقَالَ أَيْضًا: وَيَتَوَجَّهُ أَنَّ الْعِمَامَةَ لَا يُشْتَرَطُ لَهَا ابْتِدَاءُ اللُّبْسِ عَلَى طَهَارَةٍ. وَيَكْفِيهِ فِيهِمَا الطَّهَارَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ: أَنَّ مَنْ تَوَضَّأَ مَسَحَ رَأْسَهُ، وَرَفَعَ الْعِمَامَةَ ثُمَّ أَعَادَهَا. وَلَا يَبْقَى مَكْشُوفَ الرَّأْسِ إلَى آخِرِ الْوُضُوءِ. انْتَهَى.
وَمَا قَالَهُ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ. حَكَاهَا غَيْرُ وَاحِدٍ.
تَنْبِيهٌ: مِنْ فَوَائِدِ الرِّوَايَتَيْنِ: لَوْ غَسَلَ رِجْلًا ثُمَّ أَدْخَلَهَا الْخُفَّ: خَلَعَ. ثُمَّ لَبِسَ بَعْدَ غَسْلِ الْأُخْرَى. وَلَوْ لَبِسَ الْأُولَى طَاهِرَةً، ثُمَّ لَبِسَ الثَّانِيَةَ طَاهِرَةً: خَلَعَ الْأُولَى فَقَطْ، وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ: وَيَخْلَعُ الثَّانِيَةَ. وَهَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَعَلَى الثَّانِيَةِ: لَا خَلْعَ. وَلَوْ لَبِسَ الْخُفَّ مُحْدِثًا وَغَسَلَهُمَا فِيهِ: خَلَعَ عَلَى الْأُولَى. ثُمَّ لَبِسَهُ قَبْلَ الْحَدَثِ، وَإِنْ لَمْ يَلْبَسْ حَتَّى أَحْدَثَ. لَمْ يَجُزْ لَهُ الْمَسْحُ. وَعَلَى الثَّانِيَةِ: لَا يَخْلَعُهُ وَيَمْسَحُ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَجَزَمَ الْأَكْثَرُ بِالرِّوَايَةِ الْأُولَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
وَهِيَ الطَّهَارَةُ لِابْتِدَاءِ اللُّبْسِ، بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا. وَهِيَ كَمَالُ الطَّهَارَةِ. فَذَكَرُوا فِيهَا الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ.
قُلْت: وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الرِّوَايَةُ الَّتِي نَقَلَهَا أَبُو الْفَرَجِ. وَأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
وَلَوْ نَوَى جُنُبٌ رَفْعَ حَدَثِهِ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ، وَأَدْخَلَهُمَا فِي الْخُفِّ، ثُمَّ تَمَّمَ طَهَارَتَهُ، أَوْ فَعَلَهُ مُحْدِثٌ وَلَمْ نَعْتَبِرْ التَّرْتِيبَ: لَمْ يَمْسَحْ عَلَى الْأُولَى.
وَيَمْسَحُ عَلَى الثَّانِيَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute