للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَوْلُهُ (وَلَا يُجَاهِدُ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا وَفَاءَ لَهُ إلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعُوا بِهِ. وَقِيلَ: يَسْتَأْذِنُهُ فِي دَيْنٍ حَالٍّ فَقَطْ. وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْمَدْيُونُ جُنْدِيًّا مَوْثُوقًا لَمْ يَلْزَمْهُ اسْتِئْذَانُهُ، وَغَيْرُهُ يَلْزَمُهُ. قُلْت: يَأْتِي حُكْمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْحَجْرِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا مُحَرَّرًا. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ أَقَامَ لَهُ ضَامِنًا، أَوْ رَهْنًا مُحْرِزًا، أَوْ وَكِيلًا يَقْضِيهِ: جَازَ.

تَنْبِيهَانِ

أَحَدُهُمَا: مَفْهُومُ قَوْلِهِ " لَا وَفَاءَ لَهُ " أَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ وَفَاءٌ: يُجَاهِدُ بِغَيْرِ إذْنِهِ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَصَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ. وَكَلَامُهُ فِي الْفُرُوعِ كَلَفْظِ الْمُصَنِّفِ. وَقِيلَ: لَا يُجَاهِدُ إلَّا بِإِذْنِهِ أَيْضًا. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَهُوَ ظَاهِرُهُ كَلَامِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِمْ. لِإِطْلَاقِهِمْ عَدَمَ الْمُجَاهَدَةِ بِغَيْرِ إذْنِهِ. قُلْت: لَعَلَّ مُرَادَ مَنْ أَطْلَقَ: مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. وَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ قَوْلًا وَاحِدًا. وَلَكِنَّ صَاحِبَ الرِّعَايَةِ وَمَنْ تَابَعَهُ حَكَى وَجْهَيْنِ. فَقَالُوا: وَيَسْتَأْذِنُ الْمَدْيُونُ. وَقِيلَ: الْمُعْسِرُ.

الثَّانِي: عُمُومُ.

قَوْلِهِ (وَمَنْ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ إلَّا بِإِذْنِ أَبِيهِ) . تَقْتَضِي اسْتِئْذَانَ الْأَبَوَيْنِ الرَّقِيقَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ، أَوْ أَحَدَهُمَا كَالْحُرَّيْنِ. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَجِبُ اسْتِئْذَانُهُ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالنَّظْمِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْكَافِي، وَالْبُلْغَةِ، وَالْفُرُوعِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>