وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَوْ جَعَلَهَا الْإِمَامُ فَيْئًا صَارَ ذَلِكَ حُكْمًا بَاقِيًا فِيهَا دَائِمًا وَأَنَّهَا لَا تَعُودُ إلَى الْغَانِمِينَ. وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ. فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: حَيْثُ قُلْنَا " لِلْإِمَامِ الْخِيَرَةُ " فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فِعْلُ الْأَصْلَحِ كَالتَّخَيُّرِ فِي الْأُسَارَى. قَالَهُ الْأَصْحَابُ.
وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: أَوْ يُمَلِّكُهَا لِأَهْلِهَا أَوْ غَيْرِهِمْ بِخَرَاجٍ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَدَلَّ كَلَامُهُمْ، أَنَّهُ لَوْ مَلَّكَهَا بِغَيْرِ خَرَاجٍ: لَمْ يَجُزْ.
الثَّانِيَةُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي وَمَنْ تَبِعَهُ: مَا فَعَلَهُ الْإِمَامُ مِنْ وَقْفٍ وَقِسْمَةٍ: لَيْسَ لِأَحَدٍ نَقْضُهُ.
وَقَالَ أَيْضًا فِي الْمُغْنِي فِي الْبَيْعِ: إنْ حَكَمَ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ: صَحَّ بِحُكْمِهِ كَالْمُخْتَلِفَاتِ وَكَذَا بَيْعُ الْإِمَامِ لِلْمَصْلَحَةِ. لِأَنَّ فِعْلَهُ كَالْحُكْمِ.
قَوْلُهُ (الثَّانِي: مَا جَلَا عَنْهَا أَهْلُهَا خَوْفًا. فَتَصِيرُ وَقْفًا بِنَفْسِ الظُّهُورِ عَلَيْهَا) .
هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ.
وَعَنْهُ حُكْمُهَا حُكْمُ الْعَنْوَةِ قِيَاسًا عَلَيْهَا. فَلَا تَصِيرُ وَقْفًا حَتَّى يَقِفَهَا الْإِمَامُ. وَقِيلَ: حُكْمُهَا حُكْمُ الْفَيْءِ الْمَنْقُولِ.
قَوْلُهُ (الثَّالِثُ: مَا صُولِحُوا عَلَيْهِ، وَهُوَ ضَرْبَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ يُصَالِحَهُمْ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَنَا، وَيُقِرَّهَا مَعَهُمْ بِالْخَرَاجِ. فَهَذِهِ تَصِيرُ وَقْفًا أَيْضًا) وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ تَصِيرُ وَقْفًا بِوَقْفِ الْإِمَامِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا. وَتَكُونُ قَبْلَ وَقْفِهَا كَفَيْءٍ مَنْقُولٍ.