وَإِنْ كَانَتْ الْجَبِيرَةُ مِنْ حَرِيرٍ أَوْ غَصَبٍ فَفِي جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَيْهَا احْتِمَالَانِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَيْهَا كَالْخُفِّ الْمَغْصُوبِ وَالْحَرِيرِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: وَإِنْ شَدَّ جَبِيرَةً حَلَالًا مَسَحَ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي: يَصِحُّ الْمَسْحُ عَلَيْهَا. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ. قُلْت: الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ هُنَا إذَا مَنَعْنَا مِنْ جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ الْحَرِيرِ وَالْغَصْبِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَإِلَّا حَيْثُ أَجَزْنَا هُنَاكَ فَهُنَا بِطَرِيقٍ أَوْلَى.
قَوْلُهُ {وَمَتَى ظَهَرَ قَدَمُ الْمَاسِحِ وَرَأْسُهُ، أَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمَسْحِ اسْتَأْنَفَ الطَّهَارَةَ} . هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ فِي الْكَافِي: بَطَلَتْ الطَّهَارَةُ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ. قَالَ الشَّارِحُ: هَذَا الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ. قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: هَذَا الْأَشْهَرُ، وَنَصَرَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ، وَعُقُودِ ابْنِ الْبَنَّا، وَالْعُمْدَةِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرُهُمْ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ يُجْزِيهِ مَسْحُ رَأْسِهِ وَغَسْلُ قَدَمَيْهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَنَّ الطَّهَارَةَ لَا تَبْطُلُ كَإِزَالَةِ الشَّعْرِ الْمَمْسُوحِ عَلَيْهِ.
تَنْبِيهٌ: اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي مَبْنَى هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ عَلَى طُرُقٍ. فَقِيلَ: هُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى الْمُوَالَاةِ، اخْتَارَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ. وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. فَعَلَى هَذَا: لَوْ حَصَلَ ذَلِكَ قَبْلَ فَوَاتِ الْمُوَالَاةِ، أَجْزَأَهُ مَسْحُ رَأْسِهِ وَغَسْلُ قَدَمَيْهِ، قَوْلًا وَاحِدًا، لِعَدَمِ الْإِخْلَالِ بِالْمُوَالَاةِ. وَقِيلَ: الْخِلَافُ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَسْحَ: هَلْ يَرْفَعُ الْحَدَثَ، أَمْ لَا؟ وَقَطَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute