وَاعْلَمْ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، فَقِيلَ: يُقَاسُ عَلَيْهِ مَا أَشْبَهَهُ مِنْ اشْتِرَاطِ مَنْفَعَةِ الْبَائِعِ. وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَهَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ. وَهُوَ الصَّوَابُ. فَإِنَّهُ نَقَلَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رِوَايَةً تُوَافِقُ مَنْ خَرَجَ. ذَكَرَهَا صَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَالْمَجْدِ، صَاحِبُ الْفُرُوعِ وَغَيْرُهُمْ. وَاخْتَارَهَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى كَمَا تَقَدَّمَ. وَإِلَيْهِ مَيْلُ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: تَخْتَصُّ مَسْأَلَةُ الْخِرَقِيِّ بِمَا يُفْضِي الشَّرْطُ فِيهِ إلَى التَّنَازُعِ لَا غَيْرَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: وَهُوَ أَوْلَى الْوَجْهَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِشَرْطٍ وَاحِدٍ.
الثَّانِي: أَنَّ الْمَذْهَبَ صِحَّةُ اشْتِرَاطِ مَنْفَعَةِ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ. وَأَطْلَقَ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ عَنْ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ فِي الْكَافِي. قَالَ فِي نِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ: وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ شَرْطُ جَزِّ الرَّطْبَةِ عَلَيْهِ. فَخَرَجَ هُنَا مِثْلُهُ. وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَتَبِعَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَنَاظِمِ النِّهَايَةِ. قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: هَذَا التَّخْرِيجُ ضَعِيفٌ بَعِيدٌ. يُخَالِفُ الْقَوَاعِدَ وَالْأُصُولَ. وَخَرَّجَ ابْنُ رَجَبٍ فِي قَوَاعِدِهِ: صِحَّةَ الشَّرْطِ فِي النِّكَاحِ. قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَلِذَلِكَ اسْتَشْكَلُوا مَسْأَلَةَ الْخِرَقِيِّ فِي حَصَادِ الزَّرْعِ. انْتَهَى. فَعَلَى الْمَذْهَبِ، فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ: يَلْزَمُ الْبَائِعَ فِعْلُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الشَّرْطُ. وَلَهُ أَنْ يُقِيمَ غَيْرَهُ بِعَمَلِهِ. فَهُوَ كَالْأَجِيرِ. فَإِنْ مَاتَ أَوْ تَلِفَ، أَوْ اُسْتُحِقَّ: فَلِلْمُشْتَرِي عِوَضُ ذَلِكَ. نُصَّ عَلَيْهِ. وَلَوْ أَرَادَ الْبَائِعُ بَذْلَ الْعِوَضِ عَنْهُ: لَمْ يَلْزَمْ الْمُشْتَرِي قَبُولُهُ. وَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَخْذَ الْعِوَضِ عَنْهُ: لَمْ يَلْزَمْ الْبَائِعَ بَذْلُهُ. فَلَوْ رَضِيَا بِعِوَضِ النَّفْعِ، فَفِي جَوَازِهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute