آخَرَ «عَلَى ذِرْوَةِ كُلِّ بَعِيرٍ شَيْطَانٌ» فَإِنْ أَكَلَ مِنْهَا أَوْرَثَ ذَلِكَ قُوَّةً شَيْطَانِيَّةً، فَشُرِعَ وَضُوءُهُ مِنْهَا لِيُذْهِبَ سُورَةَ الشَّيْطَانِ.
قَوْلُهُ (الثَّامِنُ: الرِّدَّةُ عَنْ الْإِسْلَامِ) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الرِّدَّةَ عَنْ الْإِسْلَامِ تُنْقِضُ الْوُضُوءَ، رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَاخْتَارَهُ الْجُمْهُورُ، وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: لَا تُنْقِضُ. وَذَكَرَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ رِوَايَتَيْنِ فِي النَّقْضِ بِهَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَا نَصَّ فِيهَا.
فَائِدَةٌ: لَمْ يَذْكُرْ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْخِصَالِ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ، وَابْنُ الْبَنَّا فِي الْعُقُودِ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ، وَالسَّامِرِيُّ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْفَخْرُ بْنُ تَيْمِيَّةَ فِي التَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَغَيْرِهِمْ: الرِّدَّةَ مِنْ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ. فَقِيلَ: لِأَنَّهَا لَا تُنْقِضُ عِنْدَهُمْ. وَقِيلَ: إنَّمَا تَرَكُوهَا لِعَدَمِ فَائِدَتِهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْإِسْلَامِ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ. وَيَدْخُلُ فِيهِ الْوُضُوءُ. وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ. فَقَالَ: لَا مَعْنَى لِجَعْلِهَا مِنْ النَّوَاقِضِ، مَعَ وُجُوبِ الطَّهَارَةِ الْكُبْرَى. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَهُ فَائِدَةٌ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنَّا نُوجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءَ وَالْغُسْلَ. فَإِنْ نَوَاهُمَا بِالْغُسْلِ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ قُلْنَا لَمْ يُنْتَقَضْ وُضُوءُهُ: لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْغُسْلُ. انْتَهَى.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: قُلْت: وَمِثْلُ هَذَا لَا يَخْفَى عَلَى الْقَاضِي. وَإِنَّمَا أَرَادَ الْقَاضِي: أَنَّ وُجُوبَ الْغُسْلِ مُلَازِمٌ لِوُجُوبِ الطَّهَارَةِ الصُّغْرَى. وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ تُنْقِضُ الْوُضُوءَ: السَّامِرِيُّ. وَحَكَى ابْنُ حَمْدَانَ وَجْهًا بِأَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَجِبُ بِالِالْتِقَاءِ بِحَائِلٍ، وَلَا بِالْإِسْلَامِ. وَإِذَنْ يَنْتَفِي الْخِلَافُ بَيْنَ الْأَصْحَابِ فِي الْمَسْأَلَةِ. انْتَهَى.
فَائِدَةٌ: اقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذِهِ الثَّمَانِيَةِ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُنْقِضُ غَيْرَ ذَلِكَ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ كُلَّ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ يُوجِبُ الْوُضُوءَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute