ثُمَّ إنَّ الْأَكْثَرِينَ اعْتَبَرُوا هُنَا اسْتِئْذَانَ الْحَاكِمِ، بِخِلَافِ مَا ذَكَرُوهُ فِي الرَّهْنِ. وَاعْتَبَرُوهُ فِي الْمُودَعِ وَاللُّقَطَةِ. وَفِي الْمُغْنِي. إشَارَةٌ إلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْكُلِّ فِي عَدَمِ الِاعْتِبَارِ، وَأَنَّ الْإِنْفَاقَ بِدُونِ إذْنِهِ: يُخَرَّجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ. وَكَذَلِكَ اعْتَبَرُوا الْإِشْهَادَ عَلَى نِيَّةِ الرُّجُوعِ. وَفِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ: وَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ. وَهُوَ الصَّحِيحُ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَإِنْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ، فَعَمَّرَهَا الْمُرْتَهِنُ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ: لَمْ يَرْجِعْ بِهِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً) . وَكَذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرُهُمْ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ، بِلَا رَيْبٍ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ. وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. فَعَلَى هَذَا: لَا يَرْجِعُ إلَّا بِأَعْيَانِ آلَتِهِ. وَجَزَمَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ الْكَبِيرِ: أَنَّهُ يَرْجِعُ بِجَمِيعِ مَا عَمَّرَ فِي الدَّارِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَةِ الرَّهْنِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي النَّوَادِرِ. وَقَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، فِيمَنْ عَمَّرَ وَقْفًا بِالْمَعْرُوفِ: لِيَأْخُذَهُ عِوَضَهُ. فَيَأْخُذُهُ مِنْ مُغِلِّهِ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا يَحْفَظُ أَصْلَ مَالِيَّةِ الدَّارِ لِحِفْظِ وَثِيقَتِهِ. وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ أَعْلَاهُ، وَلَوْ قِيلَ: إنْ كَانَتْ الدَّارُ بَعْدَ مَا خَرِبَ مِنْهَا تَحَرَّزَ قِيمَةَ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ بِهِ لَمْ يَرْجِعْ. وَإِنْ كَانَ دُونَ حَقِّهِ، أَوْ فَوْقَ حَقِّهِ، وَيَخْشَى مِنْ تَدَاعِيهَا لِلْخَرَابِ شَيْئًا فَشَيْئًا، حَتَّى تَنْقُصَ عَنْ مِقْدَارِ الْحَقِّ. فَلَهُ أَنْ يُعَمِّرَ وَيَرْجِعَ: لَكَانَ مُتَّجَهًا. انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ قَوِيٌّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute