وَقِيلَ: يَمْلِكُ الْمُحِيلُ أَخْذَهُ مِنْهُ. وَلَا يَمْلِكُ الْمُحْتَالُ الْمُطَالَبَةَ بِدَيْنِهِ، لِاعْتِرَافِهِ بِبَرَاءَةِ الْمُحِيلِ مِنْهُ بِالْحَوَالَةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ. انْتَهَيَا. وَإِنْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِالْعَكْسِ، بِأَنْ قَالَ الْمُحِيلُ " أَحَلْتُك بِدَيْنِك. فَقَالَ: بَلْ وَكَّلْتنِي " فَفِيهَا الْوَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ.
أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْوَكَالَةِ. وَهُوَ الصَّحِيحُ. جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْحَوَالَةِ. فَإِنْ قُلْنَا: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُحِيلِ، فَحَلَفَ: بَرِئَ مِنْ حَقِّ الْمُحْتَالِ. وَلِلْمُحْتَالِ قَبْضُ الْمَالِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ. وَإِنْ قُلْنَا: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُحْتَالِ، فَحَلَفَ: كَانَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمُحِيلِ بِحَقِّهِ، وَمُطَالَبَةُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ. فَإِنْ قَبَضَ مِنْهُ قَبْلَ أَخْذِهِ مِنْ الْمُحِيلِ، فَلَهُ أَخْذُ مَا قَبَضَ لِنَفْسِهِ. وَإِنْ اسْتَوْفَى مِنْ الْمُحِيلِ دُونَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ: رَجَعَ الْمُحِيلُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا أَصَحُّ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ. وَإِنْ كَانَ قَبَضَ الْحَوَالَةَ، فَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ بِتَفْرِيطٍ، أَوْ أَتْلَفَهَا: سَقَطَ حَقُّهُ عَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ. وَإِنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ. فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: يَسْقُطُ حَقُّهُ أَيْضًا. وَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُحِيلِ بِحَقِّهِ. وَلَيْسَ لِلْمُحِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. قَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ: أَحَلْتُك بِدَيْنِك. فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْحَوَالَةِ وَجْهًا وَاحِدًا) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute