وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ هُوَ فِي آخِرِ بَابِ السَّلَمِ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَيَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ الْمُسْتَقِرِّ لِمَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ ".
قَوْلُهُ (وَيَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ الْقِصَاصِ بِدِيَاتٍ، وَبِكُلِّ مَا يُثْبِتُ مَهْرًا) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ بِمُبْهَمٍ مِنْ أَعْيَانٍ مُخْتَلِفَةٍ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَيُحْتَمَلُ مَنْعُ صِحَّةِ الصُّلْحِ بِأَكْثَرَ مِنْهَا. قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ: لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ بِالْعَفْوِ وَالْمُصَالَحَةِ. فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ أَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ مِنْ الْجِنْسِ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ، وَالتَّلْخِيصِ: يَصِحُّ بِمَا يَزِيدُ عَلَى قَدْرِ الدِّيَةِ إذَا قُلْنَا: يَجِبُ الْقَوَدُ عَيْنًا. أَوْ اخْتَارَهُ الْوَلِيُّ، عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ أَحَدِ شَيْئَيْنِ. وَقِيلَ: الِاخْتِيَارُ يَصِحُّ عَلَى غَيْرِ جِنْسِ الدِّيَةِ. وَلَا يَصِحُّ عَلَى جِنْسِهَا إلَّا بَعْدَ تَعْيِينِ الْجِنْسِ مِنْ إبِلٍ أَوْ غَنَمٍ حَذَرًا مِنْ رِبَا النَّسِيئَةِ، وَرِبَا الْفَضْلِ. انْتَهَى.
وَتَابَعَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفَائِقِ، وَجَمَاعَةٌ. وَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ بَابِ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ. وَتَقَدَّمَ الصُّلْحُ عَنْ دِيَةِ الْخَطَأِ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِأَكْثَرَ مِنْهَا مِنْ جِنْسِهَا.
فَوَائِدُ: الْأُولَى: قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: يَصِحُّ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا. وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ. قُلْت: قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَيَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ الْقَوَدِ بِمَا يُثْبِتُ مَهْرًا وَيَكُونُ حَالًّا فِي حَالِ الْقَاتِلِ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ صَالَحَ عَنْ الْقِصَاصِ بِعَبْدٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَخَرَجَ مُسْتَحَقًّا أَوْ حُرًّا: رَجَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute