وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: يَجُوزُ لَهُ حَفْرُ السَّاقِيَةِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَهُ، وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا كَيْفَ شَاءَ، مَا لَمْ يَنْقُلْ الْمِلْكَ فِيهَا إلَى غَيْرِهِ، بِخِلَافِ الْمُسْتَأْجِرِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَدَلَّ أَنَّ الْبَابَ، وَالْخَوْخَةَ وَالْكُوَّةَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ: لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ فِي دَارٍ مُؤَجَّرَةٍ. وَفِي مَوْقُوفَةٍ: الْخِلَافُ، أَوْ يَجُوزُ قَوْلًا وَاحِدًا. وَهُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ تَعْلِيلَ الشَّيْخِ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ لَوْ لَمْ يَكُنْ مُسَلَّمًا لَمْ يُفِدْ. وَظَاهِرُهُ: لَا تُعْتَبَرُ الْمَصْلَحَةُ وَإِذْنُ الْحَاكِمِ. بَلْ عَدَمُ الضَّرَرِ، وَأَنَّ إذْنَهُ يُعْتَبَرُ لِرَفْعِ الْخِلَافِ. وَيَأْتِي كَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ فِي الْوَقْفِ. وَفِيهِ إذْنُهُ فِيهِ لِمَصْلَحَةِ الْمَأْذُونِ الْمُمْتَازِ بِأَمْرٍ شَرْعِيٍّ، فَلِمَصْلَحَةِ الْمَوْقُوفِ أَوْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَوْلَى. وَهُوَ مَعْنَى نَصِّهِ فِي تَجْدِيدِهِ لِمَصْلَحَةٍ. وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ فِي تَغْيِيرِ صِفَاتِ الْوَقْفِ لِمَصْلَحَةٍ. كَالْحَكُّورَةِ. وَعَمِلَهُ حُكَّامُ الشَّامِ حَتَّى صَاحِبُ الشَّرْحِ فِي الْجَامِعِ الْمُظَفَّرِيِّ. وَقَدْ زَادَ عُمَرُ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي مَسْجِدهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيَّرَا بِنَاءَهُ. ثُمَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَزَادَ فِيهِ أَبْوَابًا. ثُمَّ الْمَهْدِيُّ. ثُمَّ الْمَأْمُونُ.
الثَّالِثَةُ: لَوْ صَالَحَ رَجُلًا عَلَى أَنْ يَسْقِيَ أَرْضَهُ مِنْ نَهْرٍ لِرَجُلٍ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ، أَوْ مِنْ عَيْنِهِ. وَقَدَّرَهُ بِشَيْءٍ يُعْلَمُ بِهِ: لَمْ يَجُزْ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ. فَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَيْهِ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: يَجُوزُ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَمَالَا إلَيْهِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَعَمَلُ النَّاسِ عَلَيْهِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا.
الرَّابِعَةُ: إذَا صَالَحَهُ عَلَى سَهْمٍ مِنْ الْعَيْنِ. أَوْ النَّهْرِ كَالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَنَحْوِهِمَا جَازَ. وَكَانَ بَيْعًا لِلْقَرَارِ، وَالْمَاءُ تَابِعٌ لَهُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute