فَإِذَا تَبَيَّنَ أَمْرُهُ: لَمْ يَسَعْ الْحَاكِمَ حَبْسُهُ، وَلَوْ لَمْ يَرْضَ غَرِيمُهُ؛ لِأَنَّهُ ظُلْمٌ مَحْضٌ. قَوْلُهُ (فَإِنْ أَصَرَّ: بَاعَ مَالَهُ. وَقَضَى دَيْنَهُ) إذَا أَصَرَّ عَلَى الْحَبْسِ، فَقَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: يَبِيعُ الْحَاكِمُ مَالَهُ. وَيَقْضِي دَيْنَهُ، مِنْ غَيْرِ ضَرْبٍ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: أَبَى الضَّرْبَ الْأَكْثَرُونَ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: إذَا أَصَرَّ عَلَى الْحَبْسِ، وَصَبَرَ عَلَيْهِ: ضَرَبَهُ الْحَاكِمُ نَقَلَهُ حَنْبَلٌ. ذَكَرَهُ عَنْهُ فِي الْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ: يَحْبِسُهُ. فَإِنْ أَبَى عَزَّرَهُ. قَالَ: وَيُكَرِّرُ حَبْسَهُ وَتَعْزِيرَهُ حَتَّى يَقْضِيَهُ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: نَصَّ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَغَيْرِهِمْ. وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ نِزَاعًا، لَكِنْ لَا يُزَادُ فِي كُلِّ يَوْمٍ عَلَى أَكْثَرِ التَّعْزِيرِ، إنْ قِيلَ بِتَقْدِيرِهِ. انْتَهَى.
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: مَتَى بَاعَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ. فَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: ذَكَرَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ يُحْبَسُ. فَإِنْ لَمْ يَقْضِ بَاعَ الْحَاكِمُ وَقَضَاهُ. فَظَاهِرُهُ: يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ بَيْعُهُ. نَقَلَ حَنْبَلٌ: إذَا تَقَاعَدَ بِحُقُوقِ النَّاسِ: يُبَاعُ عَلَيْهِ، وَيَقْضِي. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَبِيعَ عَلَيْهِ. وَقَالَ أَيْضًا: مَنْ طُولِبَ بِأَدَاءِ حَقٍّ عَلَيْهِ، فَطَلَبَ إمْهَالًا: أُمْهِلَ بِقَدْرِ ذَلِكَ اتِّفَاقًا. لَكِنْ إنْ خَافَ غَرِيمُهُ مِنْهُ: احْتَاطَ عَلَيْهِ بِمُلَازَمَةٍ، أَوْ كَفِيلٍ، أَوْ تَرْسِيمٍ عَلَيْهِ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ مَطَلَ غَرِيمُهُ حَتَّى أَحْوَجَهُ إلَى الشِّكَايَةِ، فَمَا غَرِمَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ يَلْزَمُ الْمُمَاطِلَ. جَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَيْضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute