للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ يُقَالُ: هَلْ الِاعْتِبَارُ بِحَالَةِ الْأَخْذِ؟ وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. أَوْ حَيْثُ اسْتَغْنَى امْتَنَعَ الْأَخْذُ؟ قَوْلُهُ (إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ إلَّا مَعَ فَقْرِهِ وَحَاجَتِهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. قَالَ فِي الْوَجِيزِ: وَيَأْكُلُ الْفَقِيرُ مِنْ مَالِ مُوَلِّيهِ الْأَقَلَّ مِنْ كِفَايَتِهِ أَوْ أُجْرَتِهِ مَجَّانًا، إنْ شَغَلَهُ عَنْ كَسْبِ مَا يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ. وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَأْكُلُ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا، قِيَاسًا عَلَى الْعَامِلِ فِي الزَّكَاةِ. وَقَالَ: الْآيَةُ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ. وَحَكَاهُ رِوَايَةً عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقَالَ ابْنُ رَزِينٍ: يَأْكُلُ فَقِيرٌ وَمَنْ يَمْنَعُهُ مِنْ مَعَاشِهِ بِالْمَعْرُوفِ.

تَنْبِيهٌ:

مَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْأَبِ. فَأَمَّا الْأَبُ: فَيَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مَعَ الْحَاجَةِ وَعَدَمِهَا فِي الْحُكْمِ. وَلَا يَلْزَمُهُ عِوَضُهُ. عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَابِ الْهِبَةِ. قَالَ الْقَاضِي: لَيْسَ لَهُ الْأَكْلُ لِأَجْلِ عَمَلِهِ، لِغِنَاهُ عَنْهُ بِالنَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ فِي مَالِهِ. وَلَكِنْ لَهُ الْأَكْلُ بِجِهَةِ التَّمَلُّكِ عِنْدَنَا. وَضَعَّفَ ذَلِكَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَمَحَلُّ الْخِلَافِ أَيْضًا: إذَا لَمْ يَفْرِضْ لَهُ الْحَاكِمُ. فَإِنْ فَرَضَ لَهُ الْحَاكِمُ شَيْئًا: جَازَ لَهُ أَخْذُهُ مَجَّانًا مَعَ غِنَاهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ. قَالَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالسَّبْعِينَ. وَقَالَ: هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي. وَنَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي رِوَايَةِ الْبُزْرَاطِيِّ فِي الْأُمِّ الْحَاضِنَةِ قَوْلُهُ (وَهَلْ يَلْزَمُهُ عِوَضُ ذَلِكَ إذَا أَيْسَرَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّى، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفَائِقِ وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>