قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هَذَا دَأْبُ شَيْخِنَا: أَنْ يَحْمِلَ كَلَامَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى أَظْهَرِهِ، وَيَصْرِفَهُ عَنْ ظَاهِرِهِ. وَالْوَاجِبُ أَنْ يُقَالَ: كُلُّ لَفْظٍ رِوَايَةٌ. وَيُصَحِّحُ الصَّحِيحَ. قَالَ الْأَزَجِيُّ: يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فِي الْمَذْهَبِ عَلَى هَذَا حَتَّى لَا يَصِيرَ الْمَذْهَبُ رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَقَالَ النَّاظِمُ:
وَكُلُّ مَقَالٍ يُفْهَمُ مِنْهُ الْإِذْنُ صَحَحْنَ ... بِهِ عَقْدَهَا مِنْ مُطْلَقٍ وَمُقَيَّدِ
وَعَنْهُ:
سِوَى فَوَّضْت أَمْرَ كَذَا لَهُ ... وَوَكَّلْته فِيهِ اُرْدُدْنَهُ فَنَفِّدْ
تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ: عَدَمُ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ بِالْفِعْلِ الدَّالِّ عَلَيْهَا مِنْ الْمُوَكِّلِ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: دَلَّ كَلَامُ الْقَاضِي الْمُتَقَدِّمُ عَلَى انْعِقَادِ الْوَكَالَةِ بِالْفِعْلِ مِنْ الْمُوَكِّلِ الدَّالِّ عَلَيْهَا كَالْبَيْعِ. قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ فِيمَنْ دَفَعَ ثَوْبَهُ إلَى قَصَّارٍ، أَوْ خَيَّاطٍ. وَهُوَ أَظْهَرُ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَكُلُّ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ يَدُلُّ عَلَى الْقَبُولِ) . يَصِحُّ الْقَبُولُ بِكُلِّ قَوْلٍ مِنْ الْوَكِيلِ يَدُلُّ عَلَيْهِ. بِلَا نِزَاعٍ. وَكَذَا كُلُّ فِعْلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَصَحَّحَهُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ. وَقِيلَ: لَا يَنْعَقِدُ الْقَبُولُ بِالْفِعْلِ. فَوَائِدُ
الْأُولَى: مِثْلُ ذَلِكَ سَائِرُ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ، كَالشَّرِكَةِ، وَالْمُضَارَبَةِ، وَالْمُسَاقَاةِ، فِي أَنَّ الْقَبُولَ يَصِحُّ بِالْفِعْلِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: ظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ، أَوْ صَرِيحُهُ: أَنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ مِثْلُ الْوَكَالَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute