فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا. قَالَ ابْنُ الْبَنَّا: إنْ قِيلَ: إنَّ الْمَجْنُونَ يُنْزِلُ: وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ قَالَ الطُّوفِيُّ فِي شَرْحِ الْخِرَقِيِّ، بَعْدَ كَلَامِ ابْنِ الْبَنَّا: وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى تَرْتِيبِ الْخِلَافِ عَلَى أَنَّ الْمَجْنُونَ يُنْزِلُ أَوْ لَا يُنْزِلُ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إنْ تَيَقَّنَ الْحُلُمَ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ تَيَقَّنَ وَجَبَ. وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ. قُلْت: مَأْخَذُهَا: إمَّا التَّرْتِيبُ عَلَى احْتِمَالِ الْإِنْزَالِ وَعَدَمِهِ، أَوْ النَّظَرُ إلَى أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِنْزَالِ تَارَةً، وَإِلَى الِاحْتِيَاطِ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْإِنْزَالِ تَارَةً أُخْرَى. قُلْت: التَّحْقِيقُ: أَنْ يُقَالَ: إنْ تَيَقَّنَ الْإِنْزَالَ وَجَبَ الْغُسْلُ، أَوْ عَدَمُهُ فَلَا يَجِبُ، وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ، فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَإِنْ ظَنَّهُ ظَنًّا: فَهَلْ يُلْحَقُ بِمَا إذَا تَيَقَّنَ، أَوْ بِمَا إذَا شَكَّ فِيهِ؟ أَوْ يُخَرَّجُ عَلَى تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ؟ إذْ الظَّاهِرُ الْإِنْزَالُ. وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنْ تَحَقَّقَ الْإِنْزَالُ وَجَبَ، وَإِلَّا خَرَجَ عَلَى فِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: هَلْ هُوَ لِلْوُجُوبِ، أَوْ لِلنَّدْبِ؟ عَلَى مَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا: أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ. وَهَذَا التَّقْرِيرُ يَقْتَضِي: أَنَّهُ وَاجِبٌ مُطْلَقًا، تَيَقَّنَ الْإِنْزَالَ أَوْ لَا. وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ عِنْدَهُمْ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِدُونِ تَيَقُّنِ الْإِنْزَالِ. إطْرَاحًا لِلشَّكِّ، وَاسْتِصْحَابًا لِلْيَقِينِ. وَحَكَى ذَلِكَ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا، وَهُوَ مَعَ احْتِمَالِهِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ عَنْ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ عَجِيبٌ. انْتَهَى كَلَامُ الطُّوفِيِّ.
تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ " إذَا أَفَاقَا مِنْ غَيْرِ احْتِلَامٍ " أَنَّهُمَا إذَا احْتَلَمَا مِنْ ذَلِكَ يَجِبُ الْغُسْلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: وَفِي وُجُوبِ الْغُسْلِ بِالْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ مُطْلَقًا رِوَايَتَانِ. وَقِيلَ: إنْ أَنْزَلَا وَجَبَ، وَإِلَّا فَلَا. وَقَالَ فِي الْكُبْرَى: وَفِي الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: بِلَا احْتِلَامٍ، رِوَايَتَانِ. وَقِيلَ: إنْ أَنْزَلَا مَنِيًّا. وَقِيلَ أَوْ مَا يَحْتَمِلُهُ: وَجَبَ الْغُسْلُ، وَإِلَّا سُنَّ. وَقَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَفِي الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ بِلَا حُلْمٍ رِوَايَتَانِ. وَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute