أَوْ أَذًى، ثُمَّ قَالَ: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ عَلَى سَائِرِ بَدَنِهِ، أَوْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْحَدَثِ. وَقَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: وَالْمُرَادُ بِهِ مَا عَلَى فَرْجِهِ مِنْ نَجَاسَةٍ أَوْ مَنِيٍّ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَالْمُرَادُ مَا عَلَيْهِ مِنْ نَجَاسَةٍ. قَالَ: وَهُوَ أَجْوَدُ مِنْ قَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ: أَنْ يَغْسِلَ فَرْجَهُ. انْتَهَى.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مُرَادُهُ النَّجَاسَةُ. وَاعْلَمْ أَنَّ النَّجَاسَةَ إذَا كَانَتْ عَلَى مَوْضِعٍ مِنْ الْبَدَنِ، فَتَارَةً تَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ، وَتَارَةً لَا تَمْنَعُ. فَإِنْ مَنَعَتْ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى الْبَدَنِ: فَلَا إشْكَالَ فِي تَوَقُّفِ صِحَّةِ الْغُسْلِ عَلَى زَوَالِهَا، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَمْنَعُ. فَقَدَّمَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَصَحَّحُوهُ أَنَّ الْحَدَثَ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا مَعَ آخِرِ غَسْلَةٍ طَهُرَ عِنْدَهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ. وَقَالَ فِي النَّظْمِ: هُوَ الْأَقْوَى، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْغُسْلَ يَصِحُّ قَبْلَ زَوَالِ النَّجَاسَةِ، كَالطَّاهِرَاتِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ طَائِفَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ. وَقِيلَ: لَا يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ إلَّا بِغَسْلَةٍ مُفْرَدَةٍ بَعْدَ طَهَارَتِهِ. ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ. فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْغُسْلِ عَلَى الْحُكْمِ بِزَوَالِ النَّجَاسَةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ فِي الْمُقْنِعِ. ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ لَفْظُهُ يُوهِمُ زَوَالَ مَا بِهِ مِنْ أَذًى أَوَّلًا. وَهَذَا الْإِيهَامُ ظَاهِرُ مَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ. فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْمُجْزِئِ: يُزِيلُ مَا بِهِ مِنْ أَذًى، ثُمَّ يَنْوِي. وَتَبِعَا فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَبَا الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ لَكِنَّ لَفْظَهُ فِي ذَلِكَ أَبْيَنُ مِنْ لَفْظِهِمَا، وَأَجْرَى عَلَى الْمَذْهَبِ. فَإِنَّهُ قَالَ: يَغْسِلُ فَرْجَهُ ثُمَّ يَنْوِي. وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي الْمُجْزِئِ: يَنْوِي بَعْدَ كَمَالِ الِاسْتِنْجَاءِ، وَزَوَالِ نَجَاسَتِهِ إنْ كَانَتْ. ثُمَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَالسَّامِرِيِّ عَلَى مَا قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ. وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِذَلِكَ: الِاسْتِنْجَاءُ بِشَرْطِ تَقَدُّمِهِ عَلَى الْغُسْلِ كَالْمَذْهَبِ فِي الْوُضُوءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute