وَإِنْ اشْتَرَكَا ابْتِدَاءً فِي النِّدَاءِ عَلَى شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ عَلَى مَا يَأْخُذَانِهِ، أَوْ عَلَى مَا يَأْخُذُهُ أَحَدُهُمَا مِنْ مَتَاعِ النَّاسِ، أَوْ فِي بَيْعِهِ: صَحَّ. وَالْأُجْرَةُ لَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَاهُ. وَإِلَّا اسْتَوَيَا فِيهَا، وَبِالْجُعْلِ جَعَالَةٌ. انْتَهَى.
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: تَسْلِيمُ الْأَمْوَالِ إلَيْهِمْ، مَعَ الْعِلْمِ بِالشَّرِكَةِ: إذْنٌ لَهُمْ. قَالَ: وَإِنْ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا أَخَذَ، وَلَمْ يُعْطِ غَيْرَهُ، وَاشْتَرَكَا فِي الْكَسْبِ: جَازَ فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ كَالْمُبَاحِ، وَلِئَلَّا تَقَعَ مُنَازَعَةٌ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا: نَقَلْت مِنْ خَطِّ ابْنِ الصَّيْرَفِيِّ مِمَّا عَلَّقَهُ عَلَى عُمَدِ الْأَدِلَّةِ قَالَ: ذَهَبَ الْقَاضِي إلَى أَنَّ شَرِكَةَ الدَّلَّالِينَ لَا تَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ فِي مَالِ الْغَيْرِ. وَقَالَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَابْنُ عَقِيلٍ: تَصِحُّ الشَّرِكَةُ، عَلَى مَا قَالَهُ فِي مَنَافِعِ الْبَهَائِمِ. انْتَهَى. وَقَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ: إذَا قَالَ " أَنَا أَتَقَبَّلُ الْعَمَلَ وَتَعْمَلُ أَنْتَ، وَالْأُجْرَةُ بَيْنَنَا " جَازَ، جَعْلًا لِضَمَانِ الْمُتَقَبِّلِ كَالْمَالِ.
الثَّالِثَةُ: لَوْ اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ لِوَاحِدٍ دَابَّةٌ، وَلِآخَرَ رَاوِيَةٌ. وَالثَّالِثُ يَعْمَلُ صَحَّ فِي قِيَاسِ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. فَإِنَّهُ نَصَّ فِي الدَّابَّةِ يَدْفَعُهَا إلَى آخَرَ يَعْمَل عَلَيْهَا عَلَى أَنَّ لَهُمَا الْأُجْرَةَ: عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ. وَهَذَا مِثْلُهُ. فَعَلَى هَذَا: يَكُونُ مَا رَزَقَ اللَّهُ بَيْنَهُمْ عَلَى مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ. وَكَذَا لَوْ اشْتَرَكَ أَرْبَعَةٌ: لِوَاحِدٍ دَابَّةٌ، وَلِآخَرَ رَحًا، وَلِثَالِثٍ دُكَّانٌ. وَالرَّابِعُ يَعْمَلُ. وَهَذَا الصَّحِيحُ فِيهِمَا. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ. وَقِيلَ: الْعَقْدُ فَاسِدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: اخْتَارَهُ الْقَاضِي. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَعِنْدَ الْأَكْثَرِ فَاسِدَتَانِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute