وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ، وَنَقَلَهُ الْأَصْحَابُ مِنْهُمْ: الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي. وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ إنَّمَا هُوَ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ اكْتَرَى لِحُمُولَةِ شَيْءٍ فَزَادَ عَلَيْهِ فَقَطْ. فَلِذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا عِبْرَةَ بِمَا أَوْهَمَهُ كَلَامُ أَبِي مُحَمَّدٍ فِي الْمُقْنِعِ مِنْ وُجُوبِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ عَلَى قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ فِيمَا إذَا اكْتَرَى لِمَوْضِعٍ فَجَاوَزَهُ، وَلَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ حَمْدَانَ مِنْ وُجُوبِ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ عَلَى قَوْلٍ، وَأُجْرَةِ الْمِثْلِ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ. فَإِنَّ الْقَاضِيَ قَالَ: لَا يَخْتَلِفُ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ. وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ: الْإِمَامُ أَحْمَدُ. انْتَهَى. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ: أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَابَعَ أَبَا الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ. فَإِنَّهُ ذَكَرَ كَلَامَ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، إلَّا أَنَّ كَلَامَهُ فِي الْهِدَايَةِ أَوْضَحُ. فَإِنَّهُ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ أَبِي بَكْرٍ أَخِيرًا. وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَهَا أَوَّلًا. فَحَصَلَ الْإِيهَامُ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ: وَحَكَى الْقَاضِي أَنَّ قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ اكْتَرَى لِحُمُولَةِ شَيْءٍ فَزَادَ عَلَيْهِ: وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْلِ فِي الْجَمِيعِ، وَأَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِيَزْرَعَهَا شَعِيرًا فَزَرَعَهَا حِنْطَةً فَقَالَ " عَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِلْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ عَدَلَ عَنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ إلَى غَيْرِهِ. فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا زَرَعَ أُخْرَى " قَالَا: فَجَمَعَ الْقَاضِي بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْخِرَقِيِّ وَمَسْأَلَةِ أَبِي بَكْرٍ. وَقَالَا: يَنْقُلُ قَوْلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَى الْأُخْرَى، لِتَسَاوِيهِمَا فِي أَنَّ الزِّيَادَةَ لَا تَتَمَيَّزُ فَيَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَانِ. قَالَا: وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ. فَإِنَّ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَرْقًا ظَاهِرًا. وَذَكَرَاهُ. انْتَهَيَا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَ قِيمَتَهَا) . قَالَ الْمُصَنِّفُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وُجُوبُ قِيمَتِهَا إذَا تَلِفَتْ بِهِ، سَوَاءٌ تَلِفَتْ فِي الزِّيَادَةِ أَوْ بَعْدَ رَدِّهَا إلَى الْمَسَافَةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ صَاحِبُهَا مَعَ الْمُكْتَرِي أَوْ لَمْ يَكُنْ. وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْحَاوِي، وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute