وَإِنْ كَانَتْ إلَى مُدَّةٍ: فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ وَأَخْذِ أُجْرَةِ مِثْلِهَا مِنْ غَاصِبِهَا إنْ ضُمِنَتْ مَنَافِعُ الْغَصْبِ. وَإِنْ لَمْ تُضْمَنْ انْفَسَخَ الْعَقْدُ وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ: تَنْفَسِخُ تِلْكَ الْمُدَّةُ. وَالْأُجْرَةُ لِلْمُؤَجِّرِ لِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى مِلْكِهِ. وَأَنَّ مِثْلَهُ وَطِئَ، مُزَوَّجَةً. وَيَكُونُ الْفَسْخُ مُتَرَاخِيًا. فَإِذَا لَمْ يَفْسَخْ حَتَّى انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالرُّجُوعِ بِالْمُسَمَّى، وَبَيْنَ الْبَقَاءِ عَلَى الْعَقْدِ وَمُطَالَبَةِ الْغَاصِبِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ. فَإِنْ رُدَّتْ الْعَيْنُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ وَلَمْ يَكُنْ فَسْخٌ: اسْتَوْفَى مَا بَقِيَ مِنْهَا. وَيَكُونُ فِيمَا مَضَى مِنْ الْمُدَّةِ مُخَيَّرًا، كَمَا ذَكَرْنَا. قَالَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَغَيْرِهِمَا.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا: لَوْ كَانَ الْغَاصِبُ هُوَ الْمُؤَجِّرَ: لَمْ يَكُنْ لَهُ أُجْرَةٌ مُطْلَقًا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَنَصَّ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: حُكْمُهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ الْأَجْنَبِيِّ. وَهُوَ تَخْرِيجٌ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَوْ أَتْلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَيْنَ ثَبَتَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْفَسْخِ، أَوْ الِانْفِسَاخِ، مَعَ تَضْمِينِ الْمُسْتَأْجِرِ مَا أَتْلَفَ. وَمِثْلُهُ: جَبُّ الْمَرْأَةِ زَوْجَهَا، تَضْمَنُ وَلَهَا الْفَسْخُ. انْتَهَى. قُلْت: يَحْتَمِلُ أَنْ لَا فَسْخَ لَهَا. وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا إذَا حَوَّلَهُ الْمَالِكُ قَبْلَ تَقَضِّي الْمُدَّةِ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ بَعْضِ صُوَرِ تِلْكَ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ حَدَثَ خَوْفٌ عَامٌّ يَمْنَعُ مِنْ سُكْنَى الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ الْعَيْنُ الْمُسْتَأْجَرَةُ، أَوْ حُصِرَ الْبَلَدُ، فَامْتَنَعَ خُرُوجُ الْمُسْتَأْجِرِ إلَى الْأَرْضِ: ثَبَتَ لَهُ خِيَارُ الْفَسْخِ قَالَ الْخِرَقِيُّ: وَإِذَا جَاءَ أَمْرٌ غَالِبٌ يَحْجِزُ الْمُسْتَأْجِرَ عَنْ مَنْفَعَةِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ فَعَلَيْهِ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مُدَّةِ انْتِفَاعِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute