لِأَنَّهُ الْغَالِبُ مِنْ هَؤُلَاءِ، وَأَنَّهُ لَوْ اُسْتُؤْجِرَ لِحَلْقِ رُءُوسٍ يَوْمًا فَجَنَى عَلَيْهَا بِجِرَاحِهِ، لَا يَضْمَنُ، كَجِنَايَتِهِ فِي قِصَارَةٍ وَخِيَاطَةٍ وَنِجَارَةٍ. وَاخْتَارَ فِي الرِّعَايَةِ: أَنَّ كُلًّا مِنْ هَؤُلَاءِ لَهُ حُكْمُهُ. إنْ كَانَ خَاصًّا فَلَهُ حُكْمُهُ. وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا فَلَهُ حُكْمُهُ. وَكَذَا قَالَ فِي الرَّاعِي. فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا: يُشْتَرَطُ لِعَدَمِ الضَّمَانِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا، وَفِي قَطْعِ سِلْعَةٍ وَنَحْوِهِ: إذْنُ الْمُكَلَّفِ أَوْ الْوَلِيِّ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنَا ضَمِنَ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَاخْتَارَ فِي الْهَدْيِ عَدَمَ الضَّمَانِ. قَالَ: لِأَنَّهُ مُحْسِنٌ، وَقَالَ: هَذَا مَوْضِعُ نَظَرٍ.
الثَّانِيَةُ: يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ طَبِيبًا، وَيُقَدِّرُ ذَلِكَ بِالْمُدَّةِ. لِأَنَّ الْعَمَلَ غَيْرُ مَضْبُوطٍ. وَيُبَيِّنُ قَدْرَ مَا يَأْتِي لَهُ: هَلْ هُوَ مَرَّةٌ أَوْ أَكْثَرُ؟ وَلَا يَجُوزُ التَّقْدِيرُ بِالْبُرْءِ عِنْدَ الْقَاضِي. وَجَوَّزَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى. وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ. وَقَالَ: لَكِنْ يَكُونُ جِعَالَةً لَا إجَارَةً. انْتَهَى. فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ مُدَّةً يُكَحِّلُهُ أَوْ يُعَالِجُهُ فِيهَا، فَلَمْ يَبْرَأْ: اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ. وَإِنْ بَرِئَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ: انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ. وَكَذَا لَوْ مَاتَ. فَإِنْ امْتَنَعَ الْمَرِيضُ مِنْ ذَلِكَ مَعَ بَقَاءِ الْمَرَضِ اسْتَحَقَّ الطَّبِيبُ الْأَجْرَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ. فَأَمَّا إنْ شَارَطَهُ عَلَى الْبُرْءِ، فَهِيَ جَعَالَةٌ. لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا حَتَّى يُوجَدَ الْبُرْءُ. وَلَهُ أَحْكَامُ الْجَعَالَةِ. وَتَقَدَّمَ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ: جَوَازُ اشْتِرَاطِ الْكُحْلِ عَلَى الطَّبِيبِ. وَيَدْخُلُ تَبَعًا كَنَقْعِ الْبِئْرِ.
قَوْلُهُ (وَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاعِي إذَا لَمْ يَتَعَدَّ) بِلَا نِزَاعٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute