تَنْبِيهَاتٌ
أَحَدُهَا: قَوْلُهُ (أَوْ خَشْيَةً عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ فِي طَلَبِهِ) لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ خَوْفُهُ مُحَقَّقًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، فَلَوْ كَانَ خَوْفُهُ جُبْنًا، لَا عَنْ سَبَبٍ يُخَافُ مِنْ مِثْلِهِ: لَمْ تُجْزِهِ الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُبَاحَ لَهُ التَّيَمُّمُ وَيُعِيدَ، إذَا كَانَ مِمَّنْ يَشْتَدُّ خَوْفُهُ. الثَّانِي: لَوْ كَانَ خَوْفُهُ لِسَبَبٍ ظَنَّهُ. فَتَبَيَّنَ عَدَمُ السَّبَبِ، مِثْلُ مَنْ رَأَى سَوَادًا بِاللَّيْلِ ظَنَّهُ عَدُوًّا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَدُوٍّ بَعْدَ أَنْ تَيَمَّمَ وَصَلَّى، فَفِي الْإِعَادَةِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ عُبَيْدَانَ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ. أَحَدُهُمَا: لَا يُعِيدُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَالصَّحِيحُ لَا يُعِيدُ لِكَثْرَةِ الْبَلْوَى بِذَلِكَ فِي الْأَسْفَارِ، بِخِلَافِ صَلَاةِ الْخَوْفِ. فَإِنَّهَا نَادِرَةٌ فِي نَصِّهَا. وَهِيَ كَذَلِكَ أَنْدَرُ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالثَّانِي: يُعِيدُ. الثَّالِثُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ لِغَيْرِ الْأَعْذَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَغَيْرِهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ: إنْ احْتَاجَ الْمَاءُ لِلْعَجْنِ وَالطَّبْخِ وَنَحْوِهَا: تَيَمَّمَ وَتَرَكَهُ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا: أَنَّ الْخَوْفَ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ إلَى الْأَمْنِ، بَلْ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ فِي غَازٍ بِقُرْبِهِ الْمَاءُ يَخَافُ إنْ ذَهَبَ عَلَى نَفْسِهِ: لَا يَتَيَمَّمُ، وَيُؤَخِّرُ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ. قَوْلُهُ (إلَّا بِزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ) يَعْنِي يُبَاحُ لَهُ التَّيَمُّمُ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ يُبَاعُ بِزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: هَذَا أَصَحُّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالنَّظْمِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute