للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْقَاضِي ذَكَرَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ بَيْنَ الْأَصْحَابِ. فَإِنَّ الْمَسْأَلَةَ مُحْتَمِلَةٌ لِمَا قَالَهُ الْقَاضِي، وَلِمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ. فَنَقُولُ: السَّبَبُ وُجِدَ. وَالْوُجُوبُ مَحَلُّهُ انْتِهَاءُ الْأَجَلِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَائِدَةٌ: لَوْ أَجَّلَهَا فَمَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ: لَمْ تَحِلَّ الْأُجْرَةُ. وَإِنْ قُلْنَا بِحُلُولِ الدَّيْنِ بِالْمَوْتِ لِأَنَّ حِلَّهَا مَعَ تَأْخِيرِ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ ظُلْمٌ. قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقَالَ أَيْضًا: لَيْسَ لِنَاظِرِ الْوَقْفِ وَنَحْوِهِ تَعْجِيلُهَا كُلِّهَا إلَّا لِحَاجَةٍ. وَلَوْ شَرَطَهُ لَمْ يَجُزْ. لِأَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ يَأْخُذُ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ الْآنَ، كَمَا يُفَرِّقُونَ فِي الْأَرْضِ الْمُحْتَكَرَةِ إذَا بِيعَتْ وَوُرِثَتْ. فَإِنَّ الْحِكْرَ مِنْ الِانْتِقَالِ، يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ وَالْوَارِثَ. وَلَيْسَ لَهُمْ أَخْذُهُ مِنْ الْبَائِعِ. وَتَرْكُهُ فِي أَصَحِّ قَوْلِهِمْ.

قَوْلُهُ (وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُ أُجْرَةِ الْعَمَلِ فِي الذِّمَّةِ حَتَّى يَتَسَلَّمَهُ) . إذَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَى عَمَلٍ مُلِكَتْ الْأُجْرَةُ بِالْعَقْدِ أَيْضًا. لَكِنْ لَا يَسْتَحِقُّ تَسْلِيمَهَا إلَّا بِفَرَاغِ الْعَمَلِ وَتَسْلِيمُهُ لِمَالِكِهِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا. وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيِّ، وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ: يَجِبُ دَفْعُ الْأُجْرَةِ إلَى الْأَجِيرِ إذَا شَرَعَ فِي الْعَمَلِ. لِأَنَّهُ قَدْ سَلَّمَ نَفْسَهُ لِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ. فَهُوَ كَتَسْلِيمِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالْأَرْبَعِينَ: وَلَعَلَّهُ يَخُصُّ ذَلِكَ بِالْأَجِيرِ الْخَاصِّ. لِأَنَّ مَنَافِعَهُ تَتْلَفُ تَحْتَ يَدِ الْمُسْتَأْجِرِ. فَهُوَ شَبِيهٌ بِتَسْلِيمِ الْعَقَارِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: مَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِعَمَلٍ اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ عِنْدَ إيفَاءِ الْعَمَلِ. فَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ فِي كُلِّ يَوْمٍ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ. فَلَهُ أَجْرُ كُلِّ يَوْمٍ عِنْدَ تَمَامِهِ. وَحَمَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى الْعُرْفِ. وَكَذَا قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ. وَقَالَ: وَقَدْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ مُطْلَقَةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ، كَاسْتِئْجَارِهِ كُلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>