للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ أَيْضًا: لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِكَرَاهَةِ اللَّعِبِ مُطْلَقًا. وَقَالَ الْآجُرِّيُّ فِي النَّصِيحَةِ: مَنْ وَثَبَ وَثْبَةً مَرِحًا وَلَعِبًا بِلَا نَفْعٍ، فَانْقَلَبَ، فَذَهَبَ عَقْلُهُ: عَصَى. وَقَضَى الصَّلَاةَ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَجُوزُ مَا قَدْ يَكُونُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ بِلَا مَضَرَّةٍ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: لَا يَجُوزُ اللَّعِبُ الْمَعْرُوفُ بِالطَّابِ وَالنَّقِيلَةِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا: كُلُّ فِعْلٍ أَفْضَى إلَى مُحَرَّمٍ كَثِيرًا: حَرَّمَهُ الشَّارِعُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ. لِأَنَّهُ يَكُونُ سَبَبًا لِلشَّرِّ وَالْفَسَادِ. وَقَالَ أَيْضًا: وَمَا أَلْهَى وَشَغَلَ عَمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ: فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُحَرَّمْ جِنْسُهُ. كَبَيْعٍ وَتِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا.

الثَّانِيَةُ: يُسْتَحَبُّ اللَّعِبُ بِآلَةِ الْحَرْبِ. قَالَ جَمَاعَةٌ: وَالثِّقَاف. نَقَلَ أَبُو دَاوُد: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَتَعَلَّمَ بِسَيْفٍ حَدِيدٍ، بَلْ بِسَيْفٍ خَشَبٍ. وَلَيْسَ مِنْ اللَّهْوِ الْمُحَرَّمِ: تَأْدِيبُ فَرَسِهِ، وَمُلَاعَبَةُ أَهْلِهِ، وَرَمْيُهُ عَنْ قَوْسِهِ. لِلْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيَجُوزُ الصِّرَاعُ، وَرَفْعُ الْحِجَارَةِ، لِيُعْرَفَ الْأَشَدُّ.

قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ بِعِوَضٍ إلَّا فِي الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَالسِّهَامِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَذَكَرَ ابْنُ الْبَنَّا وَجْهًا: يَجُوزُ بِعِوَضٍ فِي الطَّيْرِ الْمُعَدَّةِ لِأَخْبَارِ الْأَعْدَاءِ انْتَهَى. وَذَكَرَ فِي النَّظْمِ وَجْهًا بَعِيدًا يَجُوزُ بِعِوَضٍ فِي الْفِيَلَةِ. وَقَدْ «صَارَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُكَانَةَ عَلَى شَاةٍ. فَصَرَعَهُ ثُمَّ عَادَ مِرَارًا فَصَرَعَهُ. فَأَسْلَمَ. فَرَدَّ عَلَيْهِ غَنَمَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهَذَا وَغَيْرُهُ مَعَ الْكُفَّارِ: مِنْ جِنْسِ جِهَادِهِمْ. فَهُوَ فِي مَعْنَى الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ. فَإِنَّ جِنْسَهَا جِهَادٌ. وَهِيَ مَذْمُومَةٌ إذَا أُرِيدَ بِهَا الْفَخْرُ وَالْخُيَلَاءُ وَالظُّلْمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>