قَالَ الْحَارِثِيُّ: أَصْلُ هَذَا: مَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ الْإِعَارَةَ إبَاحَةُ مَنْفَعَةٍ. وَقَالَ عَنْ الْوَجْهِ الثَّانِي: يَتَفَرَّعُ عَلَى رِوَايَةِ اللُّزُومِ فِي الْعَارِيَّةِ الْمُؤَقَّتَةِ. انْتَهَى. قُلْت: قَطَعَ فِي الْقَاعِدَةِ السَّابِعَةِ وَالثَّمَانِينَ بِجَوَازِ إعَارَةِ الْعَيْنِ الْمُعَارَةِ الْمُؤَقَّتَةِ إذَا قِيلَ بِلُزُومِهَا، وَمِلْكِ الْمَنْفَعَةِ فِيهَا. انْتَهَى. قُلْت: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ: أَنَّ الْخِلَافَ هُنَا لَيْسَ مَبْنِيًّا. فَإِنَّهُمْ قَالُوا: هِيَ هِبَةُ مَنْفَعَةٍ. وَقَالُوا: لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُعِيرَ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِمَا تَعْلِيقُهَا بِشَرْطٍ. وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَخَبِ أَنَّهُ يَصِحُّ. قَالَ فِي التَّرْغِيبِ: يَكْفِي مَا دَلَّ عَلَى الرِّضَى مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ. فَلَوْ سَمِعَ مَنْ يَقُولُ: أَرَدْت مَنْ يُعِيرُنِي كَذَا. فَأَعْطَاهُ: كَفَى. لِأَنَّهُ إبَاحَةُ عَقْدٍ. انْتَهَى. وَقِيلَ: لَهُ أَنْ يُعِيرَهَا إذَا وَقَّتَ لَهُ الْمُعِيرُ وَقْتًا، وَإِلَّا فَلَا. فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا: مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ الْمُعِيرُ لَهُ. فَأَمَّا إنْ أَذِنَ لَهُ: فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَوْلًا وَاحِدًا. وَهُوَ وَاضِحٌ.
الثَّانِيَةُ: لَيْسَ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يُؤَجِّرَ مَا اسْتَعَارَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُعِيرِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: لَهُ ذَلِكَ فِي الْإِعَارَةِ الْمُؤَقَّتَةِ. وَمَتَى قُلْنَا بِصِحَّتِهَا، فَإِنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَا يَضْمَنُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: يَضْمَنُ. قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute