لِأَنَّهُ ظُلْمٌ. فَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ قَتْلُ النُّفُوسِ، وَأَخْذُ الْأَمْوَالِ إلَّا بِأَمْرِ اللَّهِ. لَكِنْ يُقَالُ: لَمَّا كَانَ الْمَأْخُوذُ مُبَاحًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْنَا لَمْ يَصِرْ ظُلْمًا فِي حَقِّنَا، وَلَا فِي حَقِّ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ. فَأَمَّا مَا أُخِذَ مِنْ الْأَمْوَالِ وَالنُّفُوسِ، أَوْ أُتْلِفَ مِنْهُمَا فِي حَالِ الْجَاهِلِيَّةِ: فَقَدْ أُقِرَّ قَرَارُهُ. لِأَنَّهُ كَانَ مُبَاحًا. لِأَنَّ الْإِسْلَامَ عَفَا عَنْهُ. فَهُوَ عَفْوٌ بِشَرْطِ الْإِسْلَامِ. وَكَذَا بِشَرْطِ الْأَمَانِ. فَلَوْ تَحَاكَمَ إلَيْنَا مُسْتَأْمَنَانِ حَكَمْنَا بِالِاسْتِقْرَارِ. انْتَهَى. قُلْت: وَيَرِدُ عَلَيْهِ مَا وَرَدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ. وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَيْضًا الْمَسْرُوقُ، وَالْمُخْتَلَسُ، وَنَحْوُهُمَا.
قَوْلُهُ (وَيَضْمَنُ الْعَقَارَ بِالْغَصْبِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. حَتَّى إنَّ الْقَاضِيَ وَأَكْثَرَ أَصْحَابِهِ لَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ خِلَافًا. وَعَنْهُ: مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَقَارَ لَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ. نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ. فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا: يَحْصُلُ الْغَصْبُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ قَهْرًا ظُلْمًا، كَمَا تَقَدَّمَ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ فِي غَصْبِ مَا يُنْقَلُ نَقَلَهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ، إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ فِيهِ. وَفِي التَّرْغِيبِ. فَقَالَ: إلَّا فِي رُكُوبِهِ دَابَّةً، وَجُلُوسِهِ عَلَى فِرَاشٍ. فَإِنَّهُ غَاصِبٌ. وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الرِّعَايَةِ وَقَالَ: وَمَنْ رَكِبَ دَابَّتَهُ، أَوْ جَلَسَ عَلَى فِرَاشِهِ، أَوْ سَرِيرِهِ قَهْرًا: فَهُوَ غَاصِبٌ.
الثَّالِثَةُ: قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالتِّسْعِينَ: مِنْ الْأَصْحَابِ مَنْ قَالَ: مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ. وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَغَيْرُهُمَا. وَفَرَّعُوا عَلَيْهِ صِحَّةَ تَزْوِيجِ الْأَمَةِ الْمَغْصُوبَةِ. وَأَنَّ الْغَاصِبَ لَا يَضْمَنُ مَهْرَهَا وَلَوْ حَبَسَهَا عَنْ النِّكَاحِ حَتَّى فَاتَ بِالْكِبَرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute