قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَفِي هَذَا الْفَرْقِ بَحْثٌ. وَأَطْلَقَ فِي الْفُرُوعِ فِي لُزُومِ رَدِّهِ إذَا دَبَغَهُ الْغَاصِبُ وَجْهَيْنِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ دَبَغَهُ، فَفِي رَدِّهِ الْوَجْهَانِ الْمَبْنِيَّانِ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَطْهُرُ لَمْ يَجِبْ رَدُّهُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقِيلَ: يَجِبُ رَدُّهُ إذَا قُلْنَا يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي الْيَابِسَاتِ. وَكَذَلِكَ قَبْلَ الدَّبْغِ. وَجَزَمَ بِهِ الْحَارِثِيُّ فِي شَرْحِهِ. وَظَاهِرُ الْفُرُوعِ: إطْلَاقُ الْخِلَافِ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ غَصَبَ جِلْدَ مَيْتَةٍ فَأَوْجُهٌ: الرَّدُّ، وَعَدَمُهُ. وَالثَّالِثُ: إنْ قُلْنَا: يَطْهُرُ بِدَبْغِهِ، أَوْ يَنْتَفِعُ بِهِ فِي يَابِسٍ: رَدَّهُ، وَإِلَّا فَلَا. وَإِنْ أَتْلَفَهُ فَهَدَرٌ. وَإِنْ دَبَغَهُ وَقُلْنَا: يَطْهُرُ رَدَّهُ. انْتَهَى. قَوْلُهُ (وَإِنْ اسْتَوْلَى عَلَى حُرٍّ: لَمْ يَضْمَنْهُ بِذَلِكَ) . هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَلَا يُضْمَنُ حُرٌّ بِغَصْبِهِ فِي الْأَصَحِّ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ. لِأَنَّ الْيَدَ لَا يَثْبُتُ حُكْمُهَا عَلَى الْحُرِّ. وَفِي التَّلْخِيصِ وَجْهٌ بِثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهِ. وَبَنَى عَلَى هَذَا: هَلْ لِمُسْتَأْجِرِ الْحُرِّ إيجَارُهُ مِنْ آخَرَ؟ إنْ قِيلَ: بِعَدَمِ الثُّبُوتِ امْتَنَعَ الْإِيجَارُ.
وَإِنَّمَا هُوَ يُسَلِّمُ نَفْسَهُ، وَإِلَّا فَلَا يَمْتَنِعُ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ غَصَبَ دَابَّةً عَلَيْهَا مَالِكُهَا وَمَتَاعُهُ: لَمْ يَضْمَنْ ذَلِكَ الْغَاصِبُ قَالَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ الْكَبِيرِ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالتِّسْعِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute