وَأَمَّا إنْ كَانَ الْجُنُبُ جَرِيحًا: فَهُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ تَيَمَّمَ لِلْجُرْحِ قَبْلَ غَسْلِ الصَّحِيحِ، وَإِنْ شَاءَ غَسَلَ الصَّحِيحَ وَتَيَمَّمَ بَعْدَهُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ وَجَدَ مَاءً يَكْفِي بَعْضَ بَدَنِهِ: لَزِمَهُ اسْتِعْمَالُهُ. وَيَتَيَمَّمُ لِلْبَاقِي، إنْ كَانَ جُنُبًا) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. قَالَ الْقَاضِي فِي رِوَايَتَيْهِ: لَا خِلَافَ فِيهِ فِي الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: يَلْزَمُهُ فِي الْجَنَابَةِ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ. وَعَنْهُ لَا يَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُهُ. وَيُجْزِئُهُ التَّيَمُّمُ.
حَكَاهَا ابْنُ الزَّاغُونِيِّ فَمَنْ بَعْدَهُ.
تَنْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ " لَزِمَهُ اسْتِعْمَالُهُ لِلْبَاقِي " إشْعَارٌ أَنَّ تَيَمُّمَهُ يَكُونُ بَعْدَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَذْهَبِ: فَإِنْ تَيَمَّمَ قَبْلَ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِي الْجَنَابَةِ جَازَ. وَقَالَ هُوَ وَغَيْره: يَسْتَعْمِلُهُ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، وَيَنْوِي بِهِ رَفْعَ الْحَدَثَيْنِ. قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا فَهَلْ يَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) . وَأَطْلَقَهَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْكَافِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِمْ. وَحَكَى الْجُمْهُورُ الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ، كَالْمُصَنَّفِ. وَفِي النَّوَادِرِ، وَالرِّعَايَةِ: رِوَايَتَيْنِ إحْدَاهُمَا: يَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُهُ.
وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْعُمْدَةِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْفُرُوعِ، وَشَرْحِ الْمَجْدِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ رَزِينٍ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُهُ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute