وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: لِلْغَاصِبِ نَفَقَةُ الزَّرْعِ. وَأَمَّا مُؤْنَةُ الْحَصَادِ: فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ كَذَلِكَ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا تَجِبَ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الْأَقْوَى.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (وَرَدَّهَا بَعْدَ أَخْذِ الزَّرْعِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ أَعْنِي: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ قَدْ حَصَدَهُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ، قِيلَ: أَوْ اُسْتُحْصِدَ قَبْلَهُ وَلَمْ يَحْصُدْ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَدْرَكَهَا رَبُّهَا، وَالزَّرْعُ قَائِمٌ: خُيِّرَ بَيْنَ تَرْكِهِ إلَى الْحَصَادِ بِأُجْرَتِهِ، وَبَيْنَ أَخْذِهِ بِعِوَضِهِ) . هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. نَصَّ عَلَيْهِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: تَوَاتَرَ النَّصُّ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَنَّ الزَّرْعَ لِلْمَالِكِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ قَوْلُ الْقَاضِي، وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ، وَالشَّيْخَيْنِ. انْتَهَى. قَالَ الْحَارِثِيُّ: هُوَ قَوْلُ الْقَاضِي، وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَلَاهُمْ، وَالْمُصَنِّفِ فِي سَائِرِ كُتُبِهِ. وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ قَالَ نَاظِمُهَا:
بِالِاحْتِرَامِ اُحْكُمْ لِزَرْعِ الْغَاصِبِ ... وَلَيْسَ كَالْبَانِي أَوْ كَالنَّاصِبِ
إنْ شَاءَ رَبُّ الْأَرْضِ تَرْكَ الزَّرْعِ ... بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَوَجْهٌ مَرْعِي
أَوْ مِلْكَهُ إنْ شَاءَ بِالْإِنْفَاقِ ... أَوْ قِيمَةً لِلزَّرْعِ بِالْوِفَاقِ
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الزَّرْعُ لِلْغَاصِبِ، وَعَلَيْهِ الْأُجْرَةُ. وَهَذَا الِاحْتِمَالُ لِأَبِي الْخَطَّابِ وَقِيلَ: لَهُ قَلْعُهُ إنْ ضَمِنَهُ. وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ، وَغَيْرُهُ: إنَّ الزَّرْعَ لِرَبِّ الْأَرْضِ كَالْوَلَدِ. فَإِنَّهُ لِسَيِّدِ الْأُمِّ، لَكِنْ الْمَنِيُّ، لَا قِيمَةَ لَهُ، بِخِلَافِ الْبَذْرِ. ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute