قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: فَإِنْ تَيَمَّمَ مَعَ بَقَاءِ الْمَاءِ: لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَصَرُّفِهِ فَهُوَ كَالْإِرَاقَةِ، وَنَصَّ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ عَلَى عَدَمِ الْإِعَادَةِ فِي الْكُلِّ. وَقِيلَ: يُعِيدُ إنْ أَرَاقَهُ. وَلَا يُعِيدُ إنْ مَرَّ بِهِ. وَأَطْلَقَهُنَّ ابْنُ تَمِيمٍ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ نَسِيَ الْمَاءَ بِمَوْضِعٍ يُمْكِنُهُ اسْتِعْمَالُهُ وَتَيَمَّمَ، لَمْ يُجْزِهِ) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْأَثْرَمِ، وَمُهَنَّا، وَصَالِحٍ، وَابْنِ الْقَاسِمِ. كَمَا لَوْ نَسِيَ الرَّقَبَةَ فَكَفَّرَ بِالصِّيَامِ. وَعَنْهُ يُجْزِئُ. ذَكَرَهَا الْقَاضِي فِي شَرْحِهِ، وَالْمُجَرَّدِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَالْآمِدِيُّ، وَالْمَجْدُ، وَغَيْرُهُمْ. وَعَنْهُ التَّوَقُّفُ. حَكَاهَا ابْنُ تَمِيمٍ. فَائِدَةٌ: الْجَاهِلُ بِهِ كَالنَّاسِي.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: فِيمَا إذَا ظَهَرَ الْمَاءُ بِمَوْضِعٍ يَظْهَرُ بِهِ تَفْرِيطُهُ وَتَقْصِيرُهُ فِي طَلَبِهِ. بِأَنْ يَجِدَهُ فِي رَحْلِهِ وَهُوَ فِي يَدِهِ، أَوْ بِبِئْرٍ بِقُرْبِهِ أَعْلَامُهَا ظَاهِرَةٌ. فَأَمَّا إنْ ضَلَّ عَنْ رَحْلِهِ، وَفِيهِ الْمَاءُ، وَقَدْ طَلَبَهُ، أَوْ كَانَتْ الْبِئْرُ أَعْلَامُهَا خَفِيَّةٌ، وَلَمْ يَكُنْ يَعْرِفُهَا: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يُجْزِئُهُ التَّيَمُّمُ. وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، لِعَدَمِ تَفْرِيطِهِ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَقِيلَ: يُعِيدُ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْبِئْرِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، فِيمَا إذَا ضَلَّ عَنْ رَحْلِهِ. وَأَمَّا إذَا أُدْرِجَ الْمَاءُ فِي رَحْلِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ، أَوْ ضَلَّ مَوْضِعُ الْبِئْرِ الَّتِي كَانَ يَعْرِفُهَا. فَقِيلَ: لَا يُعِيدُ، اخْتَارَهُ أَبُو الْمَعَالِي فِي النِّهَايَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى. فَقَالَ: الصَّحِيحُ الَّذِي نَقْطَعُ بِهِ: أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُفَرِّطًا، وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي الثَّانِيَةِ. وَكَذَلِكَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ. وَقِيلَ: يُعِيدُ، وَاخْتَارَهُ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ فِي الْأُولَى، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ فِيهَا. وَقَدَّمَ ابْنُ رَزِينٍ فِي الثَّانِيَةِ: أَنَّهُ كَالنَّاسِي. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَابْنُ تَمِيمٍ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الثَّانِيَةِ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْأُولَى فِي الرِّعَايَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute