وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَضْمَنُ مَا أَلْقَتْهُ الرِّيحُ. وَكَذَا قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ، وَغَيْرُهُ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ: وَعَنْ الْقَاضِي، وَابْنِ عَقِيلٍ: لَا يَضْمَنُ. وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ. وَإِنْ ذَابَ بِالشَّمْسِ وَانْدَفَقَ: ضَمِنَ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَافَقَ عَلَى ذَلِكَ الْقَاضِي، وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَغَيْرِهِمَا. وَقَالَ فِي الْفَائِقِ، قَالَ الْقَاضِي: لَا يَضْمَنُ، فَلَعَلَّ لَهُ قَوْلَانِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: عِنْدِي لَا فَرْقَ بَيْنَ حَرِّ الشَّمْسِ وَهُبُوبِ الرِّيحِ. فَإِمَّا أَنْ يَسْقُطَ الضَّمَانُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، أَوْ يَجِبَ فِيهِمَا. وَاخْتَارَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ هُنَا أَيْضًا. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَإِنْ حَلَّ وِعَاءً فِيهِ دُهْنٌ جَامِدٌ، فَذَهَبَ بِرِيحٍ أَلْقَتْهُ، أَوْ شَمْسٍ: فَوَجْهَانِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ رَبَطَ دَابَّةً فِي طَرِيقٍ فَأَتْلَفَتْ) . ضَمِنَ. شَمَلَ مَسْأَلَتَيْنِ.
إحْدَاهُمَا: أَنْ يَكُونَ الطَّرِيقُ ضَيِّقًا، فَيَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ، وَالْفُرُوعِ، وَالزَّرْكَشِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَابْنُ الْبَنَّا. وَلَوْ كَانَ مَا أَتْلَفَتْهُ بِنَفْحِ رِجْلِهَا. نَصَّ عَلَيْهِ. وَمَنْ ضَرَبَهَا فَرَفَسَتْهُ فَمَاتَ: ضَمِنَهُ. ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ.
وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ تَكُونَ الطَّرِيقُ وَاسِعَةً. فَظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا: أَنَّهُ يَضْمَنُ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَكَذَا أَوْرَدَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَأَبُو الْخَطَّابِ، مُطْلَقًا. وَنَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، لِإِطْلَاقِهِمْ الضَّمَانَ. وَقَدَّمَهُ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةِ وَالثَّمَانِينَ. وَقَالَ: هَذَا الْمَنْصُوصُ. وَذَكَرَ النُّصُوصَ فِي ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute