وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَضْمَنُ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ فِي الْجَالِسِ فِي الطَّرِيقِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا.
تَنْبِيهٌ: قَالَ الْحَارِثِيُّ: أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَتْنِ، أَخْذًا مِنْ إيرَادِ أَبِي الْخَطَّابِ. قَالَ: وَلَمْ أَرَهُمَا لِأَحَدٍ قَبْلَهُ. وَأَصْلُ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا مَرَّ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ فِي رَبْطِ الدَّابَّةِ فِي الطَّرِيقِ. وَمَحَلُّهُ: مَا لَمْ يَكُنْ الْجُلُوسُ مُبَاحًا كَالْجُلُوسِ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ، أَوْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. أَمَّا مَا هُوَ مَطْلُوبٌ كَالِاعْتِكَافِ، وَانْتِظَارِ الصَّلَاةِ، وَالْجُلُوسِ لِتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فَلَا يَتَأَتَّى الْخِلَافُ فِيهِ بِوَجْهٍ. وَكَذَا مَا هُوَ مُبَاحٌ مِنْ الْجُلُوسِ فِيهِ، وَفِي جَوَانِبِ الطُّرُقِ الْوَاسِعَةِ كَبَيْعِ مَأْكُولٍ وَنَحْوِهِ لِامْتِنَاعِ الْخِلَافِ فِيهِ. لِأَنَّهُ جَلَسَ فِيمَا يَسْتَحِقُّهُ بِالِاخْتِصَاصِ. فَهُوَ كَالْجُلُوسِ فِي مِلْكِهِ، مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ. وَقَدْ حَكَى الْقَاضِي الْجَزْمَ بِنَفْيِ الضَّمَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ فِي الطَّرِيقِ الْوَاسِعِ. وَهَذَا التَّقْيِيدُ حَكَاهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا فِي كُتُبِهِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ. وَلَا بُدَّ مِنْهُ. لَكِنَّهُ يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الْخِلَافِ بِالْمَسْجِدِ دُونَ الطَّرِيقِ. لِأَنَّ الْجُلُوسَ بِالطَّرِيقِ الْوَاسِعَةِ: إمَّا مُبَاحٌ كَمَا ذَكَرْنَا فَلَا ضَمَانَ بِحَالٍ. وَإِمَّا غَيْرُ مُبَاحٍ كَالْجُلُوسِ وَسَطَ الْجَادَّةِ فَالضَّمَانُ وَاجِبٌ وَلَا بُدَّ. انْتَهَى كَلَامُ الْحَارِثِيِّ.
فَائِدَةٌ: حُكْمُ الِاضْطِجَاعِ فِي الْمَسْجِدِ، وَالطَّرِيقِ الْوَاسِعَةِ: حُكْمُ الْجُلُوسِ فِيهِمَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَأَمَّا الْقِيَامُ: فَلَا ضَمَانَ بِهِ بِحَالٍ. لِأَنَّهُ مِنْ مَرَافِقِ الطُّرُقِ كَالْمُرُورِ.
تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ لَوْ جَلَسَ فِي طَرِيقٍ ضَيِّقَةٍ: أَنَّهُ يَضْمَنُ. وَهُوَ كَذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute