وَقَالَ الْقَاضِي، وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: لَا يَضْمَنُ إلَّا أَنْ يُرْسِلَهَا بِقُرْبِ مَا تُتْلِفُهُ عَادَةً، فَيَضْمَنَ. وَذَكَرَهُ الْحَارِثِيُّ، وَغَيْرُهُ رِوَايَةً. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْفَائِقِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالزَّرْكَشِيِّ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ. نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ.
فَوَائِدُ: الْأُولَى: قَالَ الْحَارِثِيُّ: لَوْ جَرَتْ عَادَةُ بَعْضِ النَّوَاحِي بِرَبْطِهَا نَهَارًا وَبِإِرْسَالِهَا وَحِفْظِ الزَّرْعِ لَيْلًا: فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ. لِأَنَّ هَذَا نَادِرٌ. فَلَا يُعْتَبَرُ بِهِ فِي التَّخْصِيصِ.
الثَّانِيَةُ: إرْسَالُ الْغَاصِبِ وَنَحْوُهُ: مُوجِبٌ لِلضَّمَانِ، نَهَارًا كَانَ أَوْ لَيْلًا. وَإِرْسَالُ الْمُودِعِ: كَإِرْسَالِ الْمَالِكِ فِي انْتِفَاءِ الضَّمَانِ. قَالَهُ الْحَارِثِيُّ أَيْضًا. وَالْمُسْتَعِيرُ، وَالْمُسْتَأْجِرُ كَذَلِكَ. وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِحِفْظِ دَوَابِّهِ، فَأَرْسَلَهَا نَهَارًا فَكَذَلِكَ. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْكَفَّ عَنْ الزَّرْعِ، فَيَضْمَنَ. فَهُوَ كَاشْتِرَاطِ الْمَالِكِ عَلَى الْمُودِعِ ضَبْطَهَا نَهَارًا.
الثَّالِثَةُ: لَوْ طَرَدَ دَابَّةً مِنْ مَزْرَعَتِهِ: لَمْ يَضْمَنْ مَا جَنَتْ، إلَّا أَنْ يُدْخِلَهَا مَزْرَعَةَ غَيْرِهِ، فَيَضْمَنَ. وَإِنْ اتَّصَلَتْ الْمَزَارِعُ: صَبَرَ، لِيَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِهَا. وَلَوْ قَدَرَ أَنْ يُخْرِجَهَا، وَلَهُ مُنْصَرَفٌ غَيْرُ الْمَزَارِعِ فَتَرَكَهَا: فَهَدَرٌ.
الرَّابِعَةُ: الْحَطَبُ الَّذِي عَلَى الدَّابَّةِ. إذَا خَرَقَ ثَوْبَ آدَمِيٍّ بَصِيرٍ عَاقِلٍ، يَجِدُ مُنْحَرِفًا: فَهُوَ هَدَرٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مُسْتَدْبِرًا، وَصَاحَ بِهِ مُنَبِّهًا لَهُ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ فِيهِمَا. ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ.
الْخَامِسَةُ: لَوْ أَرْسَلَ طَائِرًا فَأَفْسَدَهُ، أَوْ لَقَطَ حَبًّا: فَلَا ضَمَانَ. قَالَهُ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي، وَالْحَارِثِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute