قَوْلُهُ (الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ شِقْصًا مُشَاعًا مِنْ عَقَارٍ يَنْقَسِمُ) . يَعْنِي: قِسْمَةَ إجْبَارٍ. فَأَمَّا الْمَقْسُومُ الْمَحْدُودُ: فَلَا شُفْعَةَ لِجَارِهِ فِيهِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقِيلَ: تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلْجَارِ. وَحَكَاهُ الْقَاضِي يَعْقُوبُ فِي التَّبْصِرَةِ، وَابْنُ الزَّاغُونِيِّ عَنْ قَوْمٍ مِنْ الْأَصْحَابِ رِوَايَةً. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَصَحَّحَهُ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ. وَاخْتَارَهُ الْحَارِثِيُّ فِيمَا أَظُنُّ. وَأَخَذَ الرِّوَايَةَ مِنْ نَصِّهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ وَمُثَنًّى: لَا يَحْلِفُ أَنَّ الشُّفْعَةَ تُسْتَحَقُّ بِالْجِوَارِ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَثْبُتُ بِهَذَا رِوَايَةً عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَهُوَ مَأْخَذٌ ضَعِيفٌ. وَقِيلَ: تَجِبُ الشُّفْعَةُ بِالشَّرِكَةِ فِي مَصَالِحِ عَقَارٍ. اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَصَاحِبُ الْفَائِقِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ، وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْ الشُّفْعَةِ؟ فَقَالَ: إذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِدًا شُرَكَاءَ: لَمْ يَقْتَسِمُوا. فَإِذَا صُرِفَتْ الطُّرُقُ، وَعُرِفَتْ الْحُدُودُ: فَلَا شُفْعَةَ. وَهَذَا هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ الْحَارِثِيُّ. لَا كَمَا ظَنَّهُ الزَّرْكَشِيُّ، مِنْ أَنَّهُ اخْتَارَ الشُّفْعَةَ لِلْجَارِ مُطْلَقًا. فَإِنَّ الْحَارِثِيَّ قَالَ: وَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ، لَكِنْ بِقَيْدِ الشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ. وَذَكَرَ ظَاهِرَ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ الْمُتَقَدِّمِ. ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا الصَّحِيحُ الَّذِي يَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ. ثُمَّ ذَكَرَ أَدِلَّتَهُ، وَقَالَ: فِي هَذَا الْمَذْهَبُ جَمْعٌ بَيْنَ الْأَخْبَارِ، دُونَ غَيْرِهِ. فَيَكُونُ أَوْلَى بِالصَّوَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute