قَالَ الْقَاضِي: إنْ سَارَ عَقِبَ عِلْمِهِ إلَى الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ: احْتَمَلَ أَنْ لَا تَبْطُلَ شُفْعَتُهُ. فَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ: يُبَادِرُ إلَيْهَا بِالْمُضِيِّ الْمُعْتَادِ، بِلَا نِزَاعٍ. وَلَا يَلْزَمُهُ قَطْعُ حَمَّامٍ، وَطَعَامٍ وَنَافِلَةٍ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: بَلَى. وَكَذَا الْحَكَمُ لَوْ كَانَ غَائِبًا عَنْ الْمَجْلِسِ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ.
تَنْبِيهَانِ: أَحَدُهُمَا: قَالَ الْحَارِثِيُّ: حَكَى الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ. وَكَذَا أَبُو الْخَطَّابِ. وَإِنَّمَا هُمَا رِوَايَتَانِ. ثُمَّ قَالَ: وَأَصْلُ الْوَجْهَيْنِ فِي كَلَامِهِمَا احْتِمَالَانِ. أَوْرَدَهُمَا الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ. وَالِاحْتِمَالَانِ إنَّمَا أَوْرَدَهُمَا فِي الْإِشْهَادِ عَلَى السَّيْرِ لِلطَّلَبِ. وَذَلِكَ مُغَايِرٌ لِلْإِشْهَادِ عَلَى الطَّلَبِ حِينَ الْعِلْمِ. وَلِهَذَا قَالَ: ثُمَّ إنْ أَخَّرَ الطَّلَبَ بَعْدَ الْإِشْهَادِ، وَعِنْدَ إمْكَانِهِ أَبَى السَّيْرَ لِلطَّلَبِ مُوَاجِهَةً. فَلَا يَصِحُّ إثْبَاتُ الْخِلَافِ فِي الطَّلَبِ الْأَوَّلِ، مُتَلَقًّى، عَنْ الْخِلَافِ فِي الطَّلَبِ الثَّانِي. انْتَهَى. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَلَمْ يَعْتَبِرْ فِي الْمُحَرَّرِ إشْهَادًا فِيمَا عَدَا هَذَا. وَالْإِشْهَادُ عَلَى الطَّلَبِ عِنْدَهُ عِبَارَةٌ عَنْ ذَلِكَ. وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَ الْأَصْحَابُ. وَأَيْضًا فَالْإِشْهَادُ عَلَى مَا قَالَ لَيْسَ إشْهَادًا عَلَى الطَّلَبِ فِي الْحَقِيقَةِ، بَلْ هُوَ إشْهَادٌ عَلَى فِعْلٍ يَتَعَقَّبُهُ الطَّلَبُ.
الثَّانِي: اسْتَفَدْنَا مِنْ قُوَّةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ إذْ عَلِمَ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِالطَّلَبِ، وَسَارَ فِي طَلَبِهَا عِنْدَ إمْكَانِهِ: أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ وَهُوَ صَحِيحٌ. وَكَذَا لَوْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ، وَسَارَ وَكِيلُهُ. وَكَذَا لَوْ تَرَاخَى السَّيْرُ لِعُذْرٍ.
فَوَائِدُ: إحْدَاهُمَا: لَوْ لَقِيَ الْمُشْتَرِيَ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ. ثُمَّ عَقَّبَهُ بِالطَّلَبِ. فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute